قلت : نمنع ذلك ؛ إذ لا يستفاد من الرواية إلّا أنّه ممّا لا ريب فيه في مقام ترجيح أحد المتعارضين لا مطلقا ، ولا غرو في ثبوت ذلك عند العقلاء ، ولهذا تراهم عند تعارض الظهورين يعتمدون على بعض المؤيّدات الموجودة في أحد الجانبين مع عدم اعتمادهم على هذا المؤيّد بالاستقلال.
وقد يجاب بأنّ كون المشهور ممّا لا ريب فيه عقلائيّا مختصّ بالحسيّات ، ولا يورث ظنّا فضلا عن الحجيّة في الحدسيّات.
وفيه أنّ الشهرة في الحدسيّات متّحد الملاك مع الإجماع على مذاق الحدس ، غاية الأمر هي أدون منه مرتبة ، فإنّ اتفاق المشهور من الماهرين في الفتوى واولي الأنظار يورث الظن بأنّ ذلك من جهة وصول الحكم الواقعي إليهم يدا بيد.
وحينئذ فالذي يمكن أن يقال في المقام : إنّ الشهرة لها مراتب فإذا وصلت بالمرتبة التي حصل منها الاطمئنان وسكون النفس فهي حجّة ، وذلك لأنّ الظنّ من أيّ سبب حصل لا يبعد دعوى أنّه مع وصوله بهذا الحدّ حجّة عقلائيّة ، وبضميمة عدم الردع يصير حجّة شرعيّة سواء في الموضوعات أم في الأحكام ، ولكن هذا ليس إثباتا للحجيّة في بعض أقسام الشهرة ، بل الحجّة في الحقيقة هو الاطمئنان ، هذا.
«فصل»
«في حجيّة الخبر الواحد»
من الظنون الخارجة عن الأصل خبر الواحد.
اعلم أنّ ما له نفع كثير في الفقه من الاصول هو [بحث] حجيّة الظواهر وحجيّة الأخبار ؛ فإنّه لا بدّ أوّلا من إحراز حجيّة الأخبار وضمّ حجيّة الظواهر إليه ، ثمّ ننظر أنّه وصل إلى حدّ يكفينا هذا المقدار في الفقه ويوجب انحلال العلم الإجمالي ، أو أنّه