لا يصل إلى هذا المقدار ، وأمّا حجيّة الظواهر فقط بدون حجيّة الأخبار فلا يكفينا قطعا ، فإنّه حينئذ ينحصر الدليل في ظواهر الكتاب والخبر المتواتر أو المحفوف بالقرينة القطعيّة ، ومن المعلوم قلّة ذلك بحيث لا يفي بمعظم مسائل الفقه ، فيلزم انسداد باب العلم بالنسبة إلى غالب المسائل ، فينتهى إلى القول بحجيّة مطلق الظنّ.
وأمّا بعد الفراغ عن حجيّة الظواهر فلو فرغنا أيضا عن حجيّة سند الأخبار ولم يكن الخبر الذي فرغنا عن حجيّته قليل الفرد ، نادر الوجود ـ كما يقول به صاحبا المدارك والمسالك ، فإنّهما قائلان بحجيّة فرد مخصوص من الخبر وسمّياه بالصحيح الأعلائي وهو ما يكون جميع رجال السند فيه عدلا إماميّا إلى أن ينتهى إلى المعصوم ، فإنّ من المعلوم ندرة وجود ذلك في الأخبار ـ بل كان شائعا بين الأخبار مثل خبر الثقة ، فإنّ الوثوق يجتمع مع فساد المذهب ومع عدم العدالة.
فحينئذ لو رأينا في الفقه أنّه يوجد لنا خبر الثقة بالنسبة إلى غالب الأحكام بحيث ينحّل علمنا الإجمالي ولا يوجب العمل بالأصل في ما عداه خروجا عن الدين فلا يلزم القول بحجيّة الظنّ المطلق.
إذا عرفت هذا فنقول : إذا وجدنا خبر واحد غير مقطوع الصدور وله ظاهر فالحكم بأنّ ما يستفاد منه بحسب ظاهره هو حكم الله تعالى يتوقّف على مقدّمات فرغنا عن بعضها في علم الكلام ، مثل إثبات الصانع والنبي والوصي ، فقول الصادق صلوات الله عليه مثلا لكونه مفترض الطاعة يجب العمل به ، وبعد المقدّمات المفروغ عنها في الكلام يتوقّف على مقدّمات أربع :
الاولى : أنّ هذا الخبر صادر عن الإمام عليهالسلام.
والثانية : إحراز معاني ألفاظ الخبر وما هو المفهوم منها عرفا.
والثالثة : إحراز كون هذا المفهوم والظاهر لدى العرف مراد.
والرابعة : أنّ هذا المراد مطابق للحكم الواقعي اللوح المحفوظي ، وبعبارة اخرى : كان الداعي إلى إظهاره بيان لحكم الله الواقعي لا التقيّة والخوف ، فإنّه قد يكون