سفر المعصية ، وكلّ عام تحقّق موضوعه بالأخذ بظهور أو عموم دليل آخر فهو غير معارض لهذا الدليل الآخر ؛ لكونه في طوله لا في عرضه ، فإذا بقي الأوّلان بلا معارض تعيّن تخصيص دليل إباحة سفر المعصية للصوم بما إذا نشأ حرمة السفر من جهة سببيّته لترك الصوم بحكم العقل ؛ فإنّ إباحة هذا السفر للصوم غير معقول للإشكال الذي ذكر.
ومن جملة ما استدلّ به للصحيحي أنّ ما هو محلّ للحاجة ومورد للفرض غالبا إنّما هو الصحيح التام الأجزاء ؛ لأنّه هو الذي يترتّب عليه الأثر ، فينبغي وضع اللفظ بإزاء خصوصه ، وهو الذي استقرّ عليه عادة الواضعين وديدنهم في وضع أسماء المعاجين ، والغرض وإن كان يتعلّق بالفاسد أحيانا ، لكنّه ليس بمثابة يقتضي وضع اللفظ للأعمّ فيكتفى بوضعه لخصوص الصحيح المصحّح للاستعمال في الفاسد مجازا ، وهذا الاستدلال كما ترى إمّا راجع إلى الاستحسان أو إلى غلبة حال الواضعين ، وعلى أيّ تقدير لا يفيد إلّا الظنّ باعتراف المستدلّ ، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا.
بقي أمران :
الأوّل : هل النزاع المذكور في ألفاظ العبادات يجري في ألفاظ المعاملات كلفظ البيع والصلح والاجارة والنكاح والطلاق ونحوها أولا؟
توضيح ذلك يحتاج إلى تفصيل بأن يقال : إن كانت هذه الألفاظ موضوعة للآثار والمسبّبات كلفظ البيع للمبادلة فلا مجرى للنزاع فيها ؛ إذا الأثر أمره دائر بين الوجود والعدم وليس في البين أمر يكون تارة جامعا للأجزاء والشرائط وتارة فاقدا ليطرأ عليه باعتبار ذلك وصف الصّحة والفساد.
وإن كانت موضوعة للأسباب كلفظ البيع للإيجاب والقبول فيصح النزاع في أنّها موضوعة للسبب التام الأجزاء والشرائط الغير المنفكّ عن الأثر أو للأعمّ منه ومن الناقص ، فيكون القيود الزائدة معتبرة في التأثير لا في مسمّى اللفظ ولها دوالّ أخر.
لكن هنا إشكال وهو أنّ ثمرة هذه الأقوال إنّما تظهر في صحّة التّمسك بالإطلاق و