الظاهر من اللفظ مستعملا فيه ومرادا جدّيا ، لكن الداعي إليه الخوف أو التقيّة دون بيان الواقع اللوح المحفوظي.
فالمقدّمة الثانية قد عرفت حالها وأنّ طريق إحراز الظواهر منحصر في القطع وإثباتها بقول اللغوي محلّ إشكال والمقدّمة الثالثة أيضا قد مرّ البحث فيها في حجيّة الظواهر وأنّ إثباتها بالظواهر لا إشكال فيه. والمقدّمة الرابعة أيضا يمكن إحرازها بالأصل العقلائي ، فإنّهم متّفقون على حمل كلام المتكلّم صادرا لغرض بيان المطلوب الواقعي لا لتقيّة أو خوف ، وليس هو أصالة تطابق الإرادتين الاستعماليّة والجديّة ، بل بعد إجرائها وإحراز التطابق يكون هنا أصل آخر وهو أنّ الداعي إلى إظهار هذا المراد الجدّي هو بيان الواقع دون التقيّة (١) والخوف ونحوهما.
فيبقى المقدمة الاولى هي : إثبات الصدور ولو تعبّدا ، وهي التي عقد هذا المبحث لها، ثمّ تعرّض هنا شيخنا المرتضى لإثبات كون المسألة اصوليّة ببيان أنّ البحث راجع إلى أنّه هل السنّة الواقعيّة أعني قول المعصوم وفعله وتقريره التي هي مفروغ عن دليليّته يثبت بخبر الواحد أولا؟ فعلى المشهور من كون مسائل الاصول باحثة عن أحوال الأدلّة بعنوان كونها أدلّة وبعد الفراغ عن ذلك يتّضح كون هذه المسألة اصوليّة ، ولا يحتاج إلى جعل الموضوع خبر الواحد الذي هو الموضوع الذي يحتاج إلى البحث عن دليليّته وتجشّم أنّ المراد بالأدلّة في الموضوع ذاتها ، ليرجع البحث عن الدليليّة إلى البحث عن أحوال الموضوع.
واستشكل عليه قدسسره بأنّ مسائل العلم لا بدّ وأن يكون باحثة عما يعرض بموضوعه ، بعد الفراغ عن وجوده وثبوته ، وبعبارة اخرى عمّا يثبت له ثبوت شيء
__________________
(١) وليعلم أنّ المقصود تقيّة نفس الإمام في بيان الحكم بأن يبين خلاف الواقع لخوفه عليهالسلام عن الظالمين ، لا أن يكون الداعي تقيّة غيره بأن يبيّن حكم عامّة الشيعة المبتلين بالتقيّة ، فتبصّر. منه عفي عنه وعن والديه