به عملا بغير العلم ؛ إذ معنى الحجيّة جعله بمنزلة العلم ، فالعمل به عمل بالعلم تنزيلا وإن كان عملا بغيره حقيقة ولغة ، فتكون أدلّة الحجيّة حاكمة على تلك الآيات وهو أقوى من المخصّص.
وأمّا عن التعليل فيظهر الجواب عنه عند البحث عن دلالة آية النبإ ، ومحصّله أنّ مدلول التعليل ليس إلّا المنع عن العمل السفهائي الناشي عن جهالة ، فإنّ صاحب هذا العمل يقع في الندم عند كشف الخلاف ، وأمّا إذا كان العمل عقلائيّا فليس متعقّبا بالندم وإن انكشف خلافه ، ونحن إذا جعلنا خبر الواحد حجّة بالسيرة أو بناء العقلاء أو التعبّد الشرعي يصير العمل به من الأفعال العقلائيّة ، فلا يتعقّبه الندم وإن ظهر الخلاف ، فعلم أنّ أدلّة حجيّة الخبر واردة على التعليل المذكور ورافعة لموضوعه حقيقة ، وهو اقوى من المخصّص والحاكم.
وأمّا عن الأخبار المذكورة فهي ليست متواترة لا لفظا ولا معنى بأن يكون لفظ واحد منقولا بالتواتر ، أو مضمون واحد منقولا بألفاظ مختلفة ، كشجاعة الأمير عليهالسلام ، وهذه ليست لا متواترا بحسب اللفظ ولا بحسب المضمون ، نعم هي متواترة إجمالا بمعنى أنّها بالغة عددا يحصل القطع بعدم كذب جميعها ، مثلا إذا نقلت إلينا مائة أخبار يحصل لنا القطع بعدم كذب تمام المائة ونقطع بوجود الخبر الصادر في ما بينها ، وحينئذ لو لم يكن بين تلك المائة قدر جامع لم ينتج في مقام العمل ، وأمّا لو كان يجب العمل بالأخصّ مضمونا من تلك الأخبار ، فإنّ الصادر إن كان هو فهو ، وإن كان الأعم فالأعمّ موجود في الاخصّ ، فالعمل بالأخصّ متعيّن على أيّ حال.
فنقول : هذه الأخبار بين ثلاث طوائف :
الاولى : ما يكون واردا لبيان الحال عند التعارض وأنّ ما لا يوافق الكتاب يجب طرحه.
والثانية : ما اشتمل على طرح ما لا يوافق الكتاب على الإطلاق من دون تقييد بصورة التعارض ، فيشمل بإطلاقه الخبر الغير الموافق الذي لا معارض له.