والثالثة : ما يشتمل على الأمر بطرح ما خالف الكتاب.
أمّا الاولى : فالجواب عنها واضح ، فإنّ موردها صورة التعارض ، فلا عموم ولا إطلاق لها بالنسبة إلى غيرها ، فكأنّه قيل : الخبران المتعارضان يجب الأخذ بما يوافق الكتاب منهما ، وبعبارة اخرى : لا يلزم من المرجحيّة لدى التعارض سقوط ما لا يوافق عن المرجعيّة مع عدمه ، واختصاص المرجعيّة أيضا بما يوافق ، فربّما يكون الشيء مرجّحا ولا دخل له في المرجعيّة.
وأمّا الطائفتان الاخريان فالقطع حاصل بوجود الصادر في ما بينها ، لكثرة مجموع الطائفتين ، فلاحظ الوسائل في كتاب القضاء ، وأخصّهما مضمونا هو الطائفة الثانية اعني الآمرة بطرح ما خالف الكتاب ، فإنّ عدم الموافقة كما يصدق مع وجود خلاف الحكم في الكتاب ، كذلك يصدق مع عدم وجوده ولا وجود خلافه رأسا في الكتاب بحسب ظاهره ، دون باطنه الذي علمه لدى الإمام عليهالسلام ، فيكون هذا المعنى منطبقا على المخالفة أيضا.
فنقول : غاية ما يثبت بتلك الأخبار طرح خبر الواحد الموجود خلاف مضمونه في القرآن ، وأين هذا من خبر الواحد الوارد في مسألة الشكّ بين الثلاث والأربع في الصلاة التي لا عين ولا أثر لها في القرآن ونحوها من المسائل الغير الموجودة فيه؟ وهذا المقدار يكفي في المطلوب ، فإنّ مطلوبنا إثبات الحجيّة بالإيجاب الجزئي في قبال السلب الكلّي.
وأمّا المخالفة على وجه العموم والخصوص دون التباين الكلّي فربّما يتوهّم شمول هذه الأخبار لها محتجّا بأنّ المخالفة على وجه التباين الكلّي لا يصدر من الكذّابين ، ضرورة أنّه لو جاء أحد وقال : إنّ الصادق قال : يا أيّها الذين آمنوا لا يجب عليكم الوفاء بالعقود ، لا يسمع منه أحد ، فلا يصدر منهم إلّا المخالفة على وجه العموم والخصوص ، فلا بدّ من عموم تلك الأخبار لتلك المخالفة ، لئلا يلزم الحمل على الفرد النادر أو المعدوم.