وفيه أنّا نقطع بصدور المخالفة على هذا الوجه منهم عليهمالسلام كثيرا كما في البيع الغرري، ومنع الزوجة عن العقار ، واختصاص الولد الأكبر بالحبوة ، وغير ذلك ممّا ورد التخصيص في عموم الكتاب بالسنّة والأخبار المرويّة عن الأئمة عليهمالسلام.
فعلى ما ذكر من شمول الأخبار المذكورة للمخالفة على هذا النحو يلزم كون ذلك تخصيصا فيها ، وكلّ أحد يعلم أنّها آبية عن التخصيص ، فإنّ المعصوم عليهالسلام في مقام التحاشي عن التحديث والقول بما لا يوافق الكتاب والأمر باتّقاء الله من نسبة ذلك إليهم وكونه زخرفا وباطلا.
وكيف يظنّ أحد إمكان تعقيب هذه المضامين بالاستثناء ولو بالنسبة إلى مورد واحد أو موردين ، فكيف بهذه الأخبار الكثيرة في الموارد الكثيرة ، فيتعيّن حمل هذه الأخبار على المخالفة بنحو التباين الكلّي ، مضافا إلى أنّ الطائفة الآمرة بطرح ما لا يوافق أيضا يمكن إرجاعها بحسب المضمون إلى الطائفة الاخرى ، وأنّ المفهوم عرفا من عدم الموافقة هو المخالفة وإن كان بحسب اللغة أعمّ.
ألا ترى أنّه إذا قيل : فلان لا يوافق ميلى في أفعاله ، يشمل بحسب اللغة ما إذا لم يكن لك ميل أصلا ، أو كان على الخلاف ، ولكنّ العرف يفهمون منه الثاني ، وحينئذ فتصير متواترة مضمونا ومعنى ، ويكون مؤدّى الكلّ لزوم طرح الخبر المخالف للقرآن على وجه التباين الكلّي.
وأمّا ما ذكر في الاحتجاج على شمولها للمخالفة من حيث العموم والخصوص بأنّه يلزم على تقدير عدمه حملها على الفرد النادر أو المعدوم ، فالجواب : أنّه لا بعد في صدور المخالفة بنحو التباين الكلّي عن الكذابة إذا كان جعلهم إيّاها بنحو الدّس في كتب أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، نعم لا يتصوّر صدورها منهم إذا أسندوا الرواية إلى أنفسهم ، ولكن بنحو الدسّ ممكن ، والداعي لهم إلى ذلك تخفيف الأئمّة في أنظار عوام الشيعة ، وإظهار أنّهم عليهمالسلام ما كانوا بصيرين بآيات القرآن ـ العياذ