بالله ـ حتّى صدر منهم مخالفتها بهذا الوجه.
وأمّا عن إجماع سيّدنا المرتضى فهو أنّ هذه الدعوى ليست ممّا انفرد به السيّد قدسسره ، بل كلّ أحد يعترف بها بأدنى تأمّل في حال أصحاب الأئمّة ، فإنّهم حيث كانوا مبتلين بمعاشرة العامّة ، فلهذا صاروا هم السبب لأن يشتهر وينتشر بين المخالفين أنّهم غير عاملين بخبر الواحد ، ولا يجوز ذلك في مذهبهم كالقياس حتّى يصير ذلك مغروسا في أذهان مخالفيهم ، حتى إذا جاء أحد منهم بخبر إلى الشيعة عن أئمّتهم ، كان عذرهم في عدم قبوله كونه خبر واحد ، فهذا الإجماع ـ أعني عدم جواز العمل بخبر الواحد من دون تقييده بغير الإمامي أو بغير العدل أو الثقة ـ صدر منهم لمصلحة.
وبهذا يجمع بين إجماع سيّدنا المرتضى ، بل دعواه لضرورة المذهب على المنع وبين إجماع شيخنا المرتضى ، بل دعواه ضرورة المذهب على الجواز ، فإنّهم كانوا مجمعين على منع العمل بخبر الواحد بقول مطلق في الظاهر ، وكانوا مجمعين على جواز العمل بخبر الواحد الإمامي في الباطن.
وأمّا حجج المجوّزين فالأدلّة الأربعة ، أمّا الكتاب فآيات ، ومن جملة الآيات التي استدلّ بها على الجواز آية النبأ وهو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا).
تقريب الاستدلال بهذه الآية يكون من ثلاثة وجوه :
الأوّل : بمفهوم الشرط ، فإنّ مفهومه أنّه : إن لم يجئكم فاسق النبإ فلا يجب التبيّن ، يعني إن جاءكم عادل به فلا يجب التبيّن ، وهذا الوجه على ما قرّره القدماء محتاج إلى ضمّ مقدّمة اخرى وهي أنّه بعد نفي وجوب التبيّن في خبر العادل بمقتضى المفهوم إمّا يردّ بدون التبين ، وإمّا يقبل كذلك ، وحيث إنّ الأوّل باطل ؛ إذ يلزم أن يكون العادل أسوأ حالا من الفاسق ، فيتعيّن الثاني وهو المطلوب ، لكن قد كفانا مئونة هذه المقدّمة شيخنا المرتضى جزاه الله خيرا ببيان : أن ليس المراد في الآية الوجوب