النفسي للتبيّن ، بل المراد الوجوب الشرطي ؛ إذ من المعلوم أنّه لا يجب علينا تفتيش الحال عند كلّ خبر يخبره فاسق في العالم ، بل المقصود أنّه يجب التبيّن عند خبر الفاسق للعمل ، فلا يجوز العمل بدون التبيّن.
فيصير المفهوم على هذا أنّه يصحّ العمل في خبر العادل بدون التبيّن ، وهو المطلوب ، فإنّ مفاد المنطوق على هذا يصير هكذا : إن جاءكم فاسق بنبإ فيشترط في صحّة العمل بمضمون هذا النبأ الفحص والوصول إلى صدق هذا المضمون ، فيصير المفهوم هكذا : إن جاءكم غير الفاسق بنبإ فلا يشترط في صحّة العمل التبيّن وتحصيل العلم ، ومعنى نفي الاشتراط هو الإطلاق وهو المطلوب.
لا يقال : يلزم اللغوية في الشرطيّة ؛ إذ المحصّل أنّ العمل بخبر الفاسق مشروط بالعلم، والحال أنّه مع العلم يكون العمل به لا بخبر الفاسق.
فإنّا نقول : المقصود أنّ العمل بمضمون هذا النبأ مشروط بالعلم ، وهذا لا يلزم منه لغويّة كما هو واضح.
هذا مضافا إلى ما ذكره قدسسره أيضا من أنّه : لو كان المراد الوجوب النفسي لما تمّ الاستدلال بالآية أصلا ، فإنّه على هذا يكون مفاد المنطوق مطلوبيّة التبيّن عند خبر الفاسق لإظهار فسقه وتفضيحه ، والمفهوم أنّ خبر العادل لا يجب التبيّن عنده لأجل احترامه.
وأنت خبير بأنّ هذا ساكت عن مقام العمل رأسا ، فيكون اجنبيّا عن المقام بالمرّة ولا يلزم أسوئيّة حال العادل أيضا ، بل يلزم أحسنيّته كما هو واضح ، وأمّا بحسب مقام العمل فيمكن توقّفه على التبيّن في كليهما وعدم جوازه قبله فيهما ، وبالجملة ، بعد وضوح أنّ المراد هو الوجوب الشرطي فالأمر سهل.
والوجه الثاني : هو التمسّك بمفهوم الوصف بأن يكون النظر إلى مجرّد تعليق الحكم على وصف الفسق ، فكما أنّ قولنا : أهن الفاسق يدّل بحسب المفهوم على عدم وجوب الإهانة في غير الموصوف ، فكذا في المقام حيث وجب التبيّن في خبر الفاسق