يدّل بالمفهوم على عدم وجوبه في خبر غير الموصوف.
والوجه الثالث : هو التمسّك بمناسبة وصف الفسق لوجوب التبيّن ، وهذا أقوى من مفهوم الوصف ؛ فإنّ المفهوم دائر مدار استفادة حصر العليّة من تعليق الحكم على الوصف وإن لم يعلم مناسبة بينهما ، بل الملحوظ مجرّد الوصف ، وأمّا هنا فيبتني استفادة العليّة على أمرين ، الأوّل : درك المناسبة بينه وبين الحكم مثل : أكرم العالم وأهن الفاسق ، وتبيّن في خبر الفاسق ، والثاني : كون الوصف عرضيّا وطارئا على الذات ، فإنّه يستفاد من ذلك عليّة الوصف ولو لم يستفد حصرها الذي هو مبنى أخذ المفهوم ؛ إذ لو كان للذات اقتضاء لكان التعليل بالوصف لغوا ، بل لزم جعل الحكم معلّلا بالذات ، لكونه أقدم رتبة من الوصف ، وإن فرض اقتضاء للوصف أيضا ، مثلا لو قيل : أكرم الرجل العالم ، فالعالميّة وإن كان لها اقتضاء وجوب الإكرام ، لكن لو كان للرجوليّة أيضا اقتضائه لكان اللازم جعل الوجوب معلّلا بالرجوليّة ، لأنّه موضوع والعلم محموله ، ورتبة الموضوع مقدّم على محموله.
والحاصل : أنّ مبنى الوجه الثاني على مجرّد تعليق الحكم على الوصف وأنّه يفيد العليّة مع الحصر ولو كان وصفا غير مناسب كما في : أكرم الجهال ، ومبنى الوجه الثالث على حصر استفادة أصل العليّة بدون الحصر على التعليق مع وجود المناسبة بين الحكم والوصف المعلّق عليه مثل : أكرم العالم.
والحاصل : إنّه يقال : يستفاد من الآية أنّ ذات الحجّة مع قطع النظر عن الطواري ليس فيه اقتضاء التبيّن ، بل بملاحظة الطواري ، فهذه الاستفادة مبنيّة على استفادة العليّة من المناسبة العرفيّة ولو لم يستفد الحصر ؛ إذ لو كان للذات أيضا الاقتضاء لكان الإناطة بالفسق لغوا ، كما نقول في قضيّة «إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجّسه شيء ، إنّه يعلم أنّ ذات الماء ليس فيه مقتضى الاعتصام في قبال من يقول : إنّه كذلك ، لا في قبال من يثبت الاعتصام للجاري أيضا.
فهنا أيضا الآية ردّ لمن يسلب الحجيّة عن طبيعة الخبر بالسلب الكلّي ، لا لمن