يثبت اقتضاء وجوب التبيّن لوصف آخر أيضا ، مثل كونه نبأ العادل الكثير السهو ، ومقصودنا أيضا إثبات الإيجاب الجزئي في قبال السلب الكلّي.
وقد اورد على هذه الوجوه إيرادات كثيرة ، ونبدأ أوّلا بذكر ما كان صعب الذّب منها، فقد استشكل على التمسّك بمفهوم الشرط بأنّ القائلين بمفهوم الشرط إنّما يقولون به فيما إذا كان هناك موضوع ومحمول وواسطة بحسب متفاهم العرف من القضيّة ، كما في قولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، فإنّ العرف يفهم منها أنّ زيدا موضوع ، ووجوب إكرام زيد محمول ، والمجيء واسطة لثبوت هذا المحمول لذاك الموضوع ، وكان انتفاء الواسطة غير موجب لانتفاء الموضوع كما في المثال ، حيث لا يلزم من انتفاء المجيء انتفاء الزيد.
فحينئذ يقولون بأنّ القضيّة تدلّ مفهوما على أنّ انتفاء الواسطة يوجب انتفاء الحكم من الموضوع ، فعند عدم المجيء في المثال يحكم بعدم وجوب الإكرام لزيد ، ولكن لا يثبت بذلك عدم وجوبه لعمرو ؛ إذ هو موضوع مغاير لموضوع القضيّة ، فهو مسكوت عن حكمه.
وأمّا لو كان انتفاء الواسطة ملازما لانتفاء الموضوع فلا موضوع عند انتفاء الواسطة حتّى يحكم بقضيّة المفهوم بانتفاء الحكم عنه.
نعم هنا مطلب عقلي أجنبيّ عن المفهوم ثابت في كلّ قضيّة ولا اختصاص له باللفظيّة الشرطيّة وهو انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه ، ومن المعلوم أنّه ليس من باب الدلالة المفهوميّة ، وإن شئت سمّه مفهوما ، لكنّه ليس من المفهوم النافع في سائر المقامات ، ومن هذا القبيل القضايا التى تكون بصورة الشرطيّة يذكر أداة الشرط فيها ، ولكن سيقت لأجل تحقّق الموضوع.
وقد مثّلوا لها بأمثلة ، منها قولك : إذا رزقت ولدا فاختنه ، فوجوب الختان حكم موضوعه الولد للمخاطب لا ولد غيره ، والشرط أعني المرزوقيّة بالولد محقّق له ، ولا وجود له بدونه ، ومعه يكون عدم وجوب ختان الولد أمرا عقليّا ، ولا تعرّض في