الوجود بالوجود بدون مفهوم له أصلا ، بل نقول بالمفهوم له على طرز مفهوم الوصف ، وهذا الوجه لإثبات مفهوم الشرط في الآية قد تعرّض له المحقّق الجليل المولى محمّد كاظم الخراساني طاب ثراه في حاشيته على الرسائل وأشار إليه في كفايته أيضا ، ونقل الاستاد دام ظلّه إصراره عليه في الدرس.
قلت : هذا مبنيّ على إثبات ظهورين لأداة الشرط في معنيين ولو لم يكونا في عرض واحد وبوصفين ، بل كان أحدهما في طول الآخر ومن باب أقرب المجازات عند عدم إرادته ، الأوّل : ظهورها في العليّة المنحصرة كما هو مبنى الأخذ بالمفهوم ، والثاني ظهورها في ثبوت هذه العليّة للتالي بالنسبة إلى الحكم المتعلّق بالموضوع الأجنبي عن التالي كما في : أكرم زيدا إن جاءك ، حيث أفادت كلمة «إن» العليّة المنحصرة للمجيء بالنسبة إلى وجوب الإكرام المتعلّق بالزيد الذي هو غير المجيء.
وحينئذ فإذا لم يمكن الأخذ بظهور الأداة في المعنى الثاني أعني خصوصيّة ثبوت العليّة المنحصرة للتالي لثبوت الحكم للموضوع المغاير للتالي ، كان ظهورها في المعنى الأوّل أعني أصل العليّة المنحصرة محفوظا.
ولكنّك خبير بأنّا إن قلنا بثبوت مفهوم الشرط فلا إشكال أنّ للأداة وضعا واحدا وظهورا واحدا في معنى واحد وهو العليّة المنحصرة الخاصّة بخصوصيّة كونها في التالي المغاير للموضوع ، وليس لها ظهور في مطلق العليّة المنحصرة بعد عدم إمكان إرادة الخصوصيّة.
فدعوى أنّ الوضع وإن كان واحدا بإزاء العليّة الخاصّة ، إلّا أنّا نقول بمراتب الظهور وكون مطلق العليّة أقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي ، لوضوح أنّ أمر الأداة بعد عدم إمكان الحمل على العليّة الخاصّة يدور بين الحمل على مجرّد ربط وجود هذا بوجود ذاك من دون إشعار بالعليّة أصلا ، وبين الحمل على العليّة لسنخ الحكم المستلزمة لانتفائه عن موضوع آخر ، ولا شكّ أنّ الأقرب إلى العليّة الخاصّة هو الثاني دون الأوّل ، فنحن وإن سلّمنا عدم الظهور في مطلق العليّة في عرض الظهور