أخبار آحاد فيلزم من الاستدلال بالآية على حجيّة أخبار الآحاد أن يلزم من حجيّتها عدم حجيّتها ؛ فإنّ من جملة أخبار الآحاد هذه الأخبار الدالّة على أنّ المراد بأهل الذكر هم الأئمّة ، فإذا صارت حجّة بالآية ثبت أنّ المراد من الآية غير الرواة ، فيلزم من وجود الحجيّة عدمها.
ثمّ على تقدير الغضّ عن جميع ذلك وتسليم اشتمال الآية على لزوم قبول الجواب تعبّدا قد يتوهّم عدم دلالتها على حجيّة الرواية أيضا ؛ لأنّ المراد من أهل الذكر أهل العلم ، فتكون مسوقة لحجيّة قول المجتهد على العوام إذا سألوا عنه ، فالآية دالّة حينئذ على وجوب التقليد دون حجيّة قول الراوي ، وهذا التوهّم فاسد فإنّ الرواة في الأزمنة السابقة كانوا هم أهل الذكر والعلم وهو كذلك ، ويشهد لذلك ما ورد في الأخبار المستفيضة من أنّه «اعرفوا منازل الرجال منّا بقدر رواياتهم عنّا» (١).
وعلى هذا فكلّ من كان راويا لرواية يكون بالنسبة إلى من لا علم له بهذه الرواية فردا حقيقيّا لأهل الذكر ، فلا حاجة إلى تجشّم أنّ مثل الزرارة وابن مسلم وأمثالهما كانوا من أهل الذكر أيضا ، فإذا ثبت حجيّة الرواية منهم ثبت من الراوي الذي ليس من أهل الذكر بعدم القول بالفصل ، حتّى يجاب عن ذلك بأنّ كون قول زرارة وابن مسلم وأضرابهما من حيث هم أهل الذكر حجّة لا يدّل على حجيّة القول الصادر عنهم من حيث هم رواة.
ومن جملة الآيات آية الاذن المذكورة في سورة التوبة ، وهي قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ).
قد قرن الإيمان للمؤمنين بالإيمان بالله تعالى ومدحه بهما ، ومن ذلك نعلم أنّ الإيمان للمؤمن وتصديقه مطلوب على حد مطلوبيّة الإيمان بالله ، فيكون واجبا
__________________
(١)