أيضا ، فيدلّ على حجيّة خبر المؤمن ووجوب تصديقه ، فإن استفيد من أدلّة اخرى زيادة قيد آخر علاوة عن الإيمان قيّدنا الآية به وخصّصنا الحجيّة بخبر المؤمن الواحد لذاك القيد ، وإلّا فيكون خبر المؤمن بقول مطلق حجّة ، هذا.
والإنصاف عدم الدلالة في هذه الآية أيضا ، وذلك لأنّ الإيمان الذي هو المراد في تلك الآية ومدح به النبي وقرن بالإيمان بالله تعالى ليس هو التصديق بمعنى ترتيب جميع ما للواقع من الآثار على مفاد خبر المؤمن (١) ، بل المقصود حسن المعاشرة مع المؤمن وقبول قوله في الآثار المرتبطة بمقام المعاشرة وحسن المصاحبة.
والذي يرشدك إلى هذا أنّ من كان رئيسا على قوم فمن أعظم أركان بقاء رئاسته وميل النفوس إليه وعدم تشتّتهم عن حوله اتّصافه بمقدار من الاذنيّة بمعنى أن يكون سريع التصديق لهم في الآثار التي بينهم وبين شخص نفسه ، مثلا لو اطّلع ولو بإخبار ألف عدل على أنّه قال في حقّه فلان بكذا ، ثمّ أنكر هذا الفلان وادّعى أنّه ما تكلّم في ذمّه وسبّه بشيء يصدّقه ، ويفرض ما صار في الوضوح كالمرئيّ بعينه كأنّه لم يره ولم يسمع به ، ولا يقطع مودّته ومحبّته معه ، ضرورة أنّ الرئيس لو بنى على أن يرتّب الأثر على كلّ خبر يحكى عنده من ارتكاب بعض رعيّته سوء أدب بالنسبة إليه فقام بصدد مجازاته لم يبق في أطرافه إلّا شاذ قليل أوحدي واحد أو قليل ، فيختلّ بذلك أمر رئاسته ، وبه يسقط عن تمام الأغراض والقيام بما هو الوظيفة ، وهذا معلوم بالحسّ والعيان وبالتجربة الحاصلة من النظر إلى أحوال الرؤساء العامّة
__________________
(١) فإنّه ليس اذن خير على هذا لجميع المؤمنين كما يستفاد من قوله تعالى : قل اذن خير لكم ، بل يكون اذن خير لبعض وشرّ لآخر ، فإنّه إذا سعى مؤمن مؤمنا آخر فترتيب جميع الآثار يقتضي إجراء الحد مثلا لو كان المسعى به مقتضيا له عليه ، وأمّا إذا كان اذن خير في مقام المعاشرة فلازمه أن لا يسخط على الساعي ولا يطرده ولا يعامل مع المسعى أيضا معاملة العداوة ، بل يصدّق ظاهرا ويقبل قول كليهما ولا يغيّر حسن سلوكه في حقّ واحد منهما. منه قدسسره الشريف.