لا يجوز ذلك في المشترك متّكلا على أوضاع عديدة بعدد الآحاد ، فلا يطرأ حينئذ على الآحاد وحدة لا من جهة اعتبار المتكلّم كما في مفهوم الخمسة فإنّه يعدّ معنى واحدا ، ولا من جهة الوضع كما في العام المذكور ؛ فإذا لا فرق بين قولنا : عين مشيرا إلى كلّ من الباصرة والجارية والميزان إلى آخر المعاني بإشارة إجماليّة بتوسّط مفهوم كلّ واحد من هذه المعاني ، وبين قولنا : كلّ واحد من هذه المعاني في أنّه يصير كلّ من المعاني في كلتا الصورتين موردا لإشارة إجماليّة مستقلّة ، إلّا أنّ المتكلّم في الأوّل متّكل في كلّ من إرادته الإجماليّة المتعلّقة بالآحاد على وضع مستقلّ ، وفي الثاني متّكل في جميعها على وضع واحد ، وليعلم أنّ مقام الاستعمال غير مقام الحكم ، فيمكن أن يلاحظ الآحاد في الأوّل منفردا منفردا ، وفي الثاني مجموعا ، كما يمكن العكس ، نعم الإرادة الاستعماليّة كاشفة عن مطابقة الإرادة الجدّية لها ما لم تقم قرينة على الخلاف.
ثمّ إنّه يرد على من فصّل بين المفرد ، فلم يجوّز الاستعمال في الأكثر فيه وبين التثنية والجمع ، فجوّزه فيها مستندا إلى أنّها في قوّة تكرار المفرد ، أنّ من المعلوم بالوجدان كون التثنية والجمع من باب تعدّد الدالّ والمدلول ، وأنّ المادّة فيها هو المادّة في المفرد ، فيدلّ على الماهيّة الدالّ عليها المفرد والعلامة يفيد التعدّد الفردي ، فيصير المعنى بعد ضم الثاني إلى الأوّل فردين أو أفراد من الماهيّة ، وحينئذ فإن اريد من المادّة في تثنية المشترك وجمعه أكثر من معنى واحد ولوحظ التعدّد المستفاد من العلامة بالنسبة إلى كلّ من المعاني المرادة من المادّة فهذا من باب استعمال المفرد في الأكثر ، وقد منعه القائل المذكور ، وإن استعمل المادّة في معنى والعلامة في معنى آخر فهذا استعمال للفظين في معنيين لا لفظ واحد فيهما.
«فصل»
قد اختلف في أنّ المشتق حقيقة في خصوص المتلبّس بالمبدإ في الحال ، أو في الأعمّ منه ومن المنقضي عنه المبدا ، بعد الاتّفاق على كونه مجازا في من يتلبّس به في