من العلماء أو غيرهم.
وعلى هذا فالآية مسوقة مساق الرواية الواردة في باب حسن معاشرة الإخوان من أنّه«إذا شهد عندك خمسون قسامة أنّه قال قولا وقال : لم أقله فصدّقه وكذّبهم» وقد فسّر القسامة بالبيّنة الشرعيّة أعني العدلين ، فإنّ الملحوظ بهذا الكلام هو المبالغة في حفظ مقام الاخوّة ومراعاة حسن السلوك مع الإخوان وعدم قطع علاقة المودّة ولو بإخبار هذا العدد من العدول بأنّه قال في غيابك كذا وكذا إذا أنكر هو وقال : ما صدر منّي جسارة إليك ، فالمقصود من تصديقه حينئذ قبول قوله وإظهار الاعتقاد القلبي بمفاد قوله ، وليس المقصود هو التصديق بمعنى ترتيب مطلق الآثار ، وإلّا فكيف يمكن تكذيب خمسين بيّنة وتصديق الواحد.
فلو كان لما أخبر به العدول أثر شرعي غير مربوط بمقام المعاشرة مثل الحدّ مثلا لو أخبروا بأنّه شرب الخمر ـ مثلا ـ فليس هنا مقام التصديق وعدم إجراء الحدّ عليه ، بل المراد هو التصديق بمعنى عدم ترتيب ما كان للمخبر به من الآثار بحسب المعاملة الشخصيّة المرتبطة بمقام مراودة شخص المخبر له مع المخبر عنه ، مثل قطع المودّة ونحوه ، وممّا يؤيّد إرادة هذا المعنى من الآية أيضا هو تكرار لفظة «يؤمن» فيها وتعدية الأوّل بالباء والثاني باللام الدالّة على المنفعة.
فإن قلت : إنّ في خبر إسماعيل بن جعفر الصادق صلوات الله عليه دلالة على أنّ المراد بالإيمان في الآية التصديق بمعنى ترتيب آثار الواقع للتالي ، فأنّه عليهالسلام قال لإسماعيل بعد أن شهد عنده المسلمون على أنّ الرجل القرشي المريد للسفر إلى اليمن شرب الخمر وأراد مع ذلك أن يدفع إليه دنانيره ليتجر بها له : إذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم ، واستشهد بهذه الآية.
قلت : المراد بالتصديق في هذه الرواية أيضا ما ذكرنا ، يعني وإن كان مع إنكار الرجل ذلك لا بدّ أنّ لا يغيّر معه السلوك ويقبل قوله بأنّه ما شرب ، ولكن لا بدّ من الاقتصار على مجرّد اظهار التصديق وعدم التعدّي إلى مقام الفعليّة ، بمنى الحذر عنه