في الباطن وعدم المعاملة معه معاملة الأمين ، فبالنسبة إلى مقام الفعليّة والعمل يجب تصديق الشهود ، ومن حيث آثار المعاشرة الظاهريّة تكذيبهم وتصديقه.
هذا مضافا إلى ما في تسليم المال إليه بلا خوف مع سماع قول جماعة من المسلمين بما يدلّ على عدم أمانته بمجرّد إظهاره الإنكار من توهين تلك الجماعة وعدم الاعتناء بأخبارهم والإعراض عن متابعة خبرهم ، فمقتضى حسن المعاشرة معهم وحفظ حقوقهم أيضا هو التصديق لهم بعدم استيمان الرجل ، فتحصّل من جميع ما ذكرنا عدم جواز الاستدلال بالآية للمقام لكونها أجنبيّة عنه ، هذا ملخّص الكلام في الآيات التي تمسّك بها في الباب.
وأمّا السنّة ، فاعلم أنّ الأخبار التي يتمسّك بها لهذا المقام لا بدّ وأن تكون متواترة ، لوضوح عدم إمكان إثبات حجيّة أخبار الآحاد بأخبار الآحاد ، والمتواتر قد يكون متواترا باللفظ وهو أن يكون لفظ الخبر مرويّة بطرق كثيرة بالغة حدّ التواتر ، واخرى يكون بالمعنى وهو أن يخبر عدد كثير يحصل من كثرتهم العلم بمضمون واحد بألفاظ مختلفة ، وثالثة يكون لا باللفظ ولا بالمعنى ويسمّى تواترا إجماليّا ، وهو أن يكون كثرة عدد المخبرين بقضايا عديدة كلّ منها في مطلب غير ما يفيده الآخر بحدّ يحصل العلم بأنّ أحد هذه القضايا التي أخبر بها هذه الجماعة صدق مطابق للواقع.
كما لو أخبر ألف نفر كلّ منهم بخبر غير خبر الآخر ، فالإنسان يقطع بعدم إمكان كذب جميع هذه الأخبار وعدم صدق واحد منها عادة ، فحينئذ لو لم يتوافق هذه الأخبار على معنى واحد أصلا فلا ثمرة ، وأمّا لو كان هنا معنى يتوافق عليه كلّ هذه الأخبار يحصل العلم بصدق هذا المعنى وواقعيّته وتحقّقه فاللازم الأخذ بما كان أخصّ مضمونا من هذه الأخبار ؛ إذ هو الذي يتوافق الكلّ عليه.
مثلا لو دلّ طائفة كثيرة من الأخبار على حجيّة خبر الواحد ، وطائفة كثيرة اخرى على حجيّة خبر الثقة ، وطائفة كثيرة ثالثة على حجيّة خبر العدل فحينئذ