تكون حجيّة خبر الواحد الثقة العدل مقطوعا بها ، لعدم إمكان وجود الخبر الصادق بين هذه الطوائف المتكثرة.
وحينئذ نقول : يجب أوّلا ملاحظة أنّ ما يستفاد حجيّته من تضاعيف الأخبار يكون بحيث يفي في الفقه بمقدار لم يبق من العلم الإجمالي شيء حتّى احتجنا إلى مقدّمات تفيد حجيّة مطلق الظّن ، أو أنّه قليل بحيث لا يقضى منه الحاجة في الفقه بهذا المقدار ، وحينئذ أيضا يمكن الاكتفاء بهذا العدد المتيقّن الغير الوافي في الفقه بدون لزوم انتهاء الأمر إلى حجيّة مطلق الظن ، وذلك بأن يوجد في الأخبار ما يكون فردا لهذا المتيقّن الحجيّة وكان هذا الخبر دالّا على حجيّة مقدار واف من الأخبار.
مثلا لو فرضنا أنّ القدر المتيقّن من الأخبار حجيّة خبر العدل الإمامي عن مثله حتى يصل إلى المعصوم ، الذي يعبر عنه بالصحيح الأعلائي ، وفرضنا عدم وفائه في الفقه على مقدار العلم الإجمالي ، ولكن وجدنا في الأخبار خبرا واحدا صحيحا اعلائيّا كان دالّا على حجيّة خبر الثقة وفرضنا وفاء خبر الثقة بمقدار العلم ، كان هذا مثل ما إذا كان مضمون التواتر بلا واسطة حجيّة خبر الثقة ، ثمّ لو فرضنا عدم وفاء خبر الثقة أيضا فإن وجد خبر ثقة دلّ على حجيّة خبر غيره على وجه كان وافيا أخذنا به ، وهكذا الحال إلى أن يثبت الحجيّة على قدر الوفاء ، فلا ينتهي الأمر إلى حجيّة مطلق الظنّ.
فنقول : قد ادّعى صاحب الوسائل أنّ الأخبار متواترة على حجيّة خبر الثقة ، فإن ثبت هذا التواتر فنعم المطلوب ، وإن لم يثبت فلا أقلّ من أنّ المتيقّن حجيّة ما كان من قبيل الصحيح الأعلائي ، وقد ظفرنا ـ بحمد الله تعالى ـ على فرد من هذا القسم دلّ على حجيّة خبر الثقة وهو قوله عليهالسلام : «لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك في ما يرويه عنا ثقاتنا» ، ثمّ لا يخفي على من راجع الفقه وفاء هذا النوع من الخبر على مقدار العلم ، والحمد لله ، ولكن ليعلم أنّه لا يثبت بهذا الخبر إلّا حجيّة رواية الثقة دون مطلق الرواية التي حصل الوثوق بصدورها ولو من غير جهة