منهم قائل بحجيّة خبر خاص ، ومثل هذا لا يفيد الكشف لحجيّة أصل الخبر.
بيان ذلك أنّ العدد الذي يفيد قول جمعهم العلم لامتناع تواطئهم على الكذب إنّما هو مفيد للعلم إذا أخبروا بمضمون واحد ، كما لو فرضنا أنّ العشرة هكذا ، فأخبر عشرة رجال بأنّ الزيد قائم ، فبملاحظة امتناع تواطئهم على الكذب يحصل العلم بالصدق. وأمّا لو أخبر هذا العدد كلّ منهم بمجيء شخص غير من أخبر بمجيئه الآخر ، فحينئذ لا يحصل العلم لا بمجيء أحد الأشخاص المعيّنة ولا بمجيء الإنسان ، أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلأنّه لو سئل عن كلّ من المخبرين أنّه لو لم يجئ الشخص الذي أخبرت بمجيئه فهل جاء الإنسان؟ لقال : لا أعلم ، وأمّا لو وصل عدد هؤلاء المخبرين بمجيء الأشخاص المختلفين إلى حدّ حصل العلم العادي باستحالة كذب مثل هذا العدد عادة ـ ويعبّر عنه بالتواتر الإجمالي ـ حصل العلم حينئذ بالقدر المشترك أعني : مجيء الإنسان وإن لم يحصل بأحد الخصوصيّات معيّنا.
مثلا لو أخبر مائة رجل كلّ واحد بمجيء شخص غير من أخبر الآخر بمجيئه ، وقلنا: إنّ كذب المائة محال عادة ، حصل العلم بأنّ واحدا من الأشخاص قد جاء وإن كان كلّ منهم مرددا لو سئل عن مجيء الإنسان على تقدير عدم مجيء الخاص الذي أخبر بمجيئه.
نعم يمكن حصول العلم بالقدر المشترك من إخبار العشرة أيضا لو كان إخبار كلّ واحد بمجيء الشخص المعين متضمّنا للإخبار بمجيء الإنسان ، فكان قد أخبر بخبرين ، الأوّل : مجيء الإنسان ، والثاني : أنّه هذا الشخص ، فحينئذ يحصل العلم بمجيء الإنسان ؛ لامتناع التواطؤ على الكذب وإن كان لا يحصل بواحد من الخصوصيّات.
وحينئذ نقول : إنّ المفتين بحجيّة خبر الواحد طائفة منهم قائلون بحجيّة خبر الثقة مثلا وطائفة بحجيّة خبر العدل مثلا ، وطائفة بحجيّة خبر خاص آخر ، فإن كانوا هذه الطوائف لو سألوا أنّه على تقدير فساد مذهبكم هل يكون هنا خبر حجّة؟