الاستقبال ، وقبل الخوض في النزاع لا بدّ من رسم امور :
الأوّل : لا إشكال في أنّ بعض المشتقّات غير داخل في حريم النزاع كالماضي والمستقبل والأمر والنهي ، وكذا المصادر لو قلنا بدخولها في المشتقّات ، وأنّ المشتقّ منه هو نفس المادّة المجرّدة عن الهيئة ، كما أنّ بعض الجوامد داخل فيه كالزوج والزوجة والرقّ والحرّ ، فالجامع لمحلّ النزاع كلّ ما كان جاريا على الذوات ومحتاجا في التحقّق والانتزاع إلى أمر خارج عن الذات ، فخرج بالقيد الأوّل الأفعال والمصادر ، وبالثاني مثل الإنسان والحجر والنار ممّا كان جاريا على الذات ولا يحتاج في الانتزاع إلى أزيد من الذاتيات ، بخلاف الضارب والزوج ونحوهما ؛ فإنّ الأوّل محتاج في التحقّق إلى عرض الضرب والثاني إلى الإضافة المخصوصة ، والشاهد على شمول محلّ النزاع لما كان بهذا الوصف من الجوامد ما حكي عن الإيضاح والمسالك في مسألة ما لو أرضعت إحدى الزوجتين الكبيرتين الزوجة الصغيرة بالرضاع الكامل ، ثمّ أرضعتها الاخرى كذلك وكان ذلك بعد الدخول بالكبيرتين من الترديد في حرمة الكبيرة الثانية بعد القطع بحرمة الصغيرة ؛ لكونها ربيبة ، والكبيرة الاولى لصيرورتها أمّ الزوجة مستندا في الترديد في الثانية إلى أنّ زوجيّة الصغيرة قد ارتفعت بإرضاع الاولى ، فصدق أمّ الزوجة على المرضعة الثانية مبنيّ على كون المشتق حقيقة فيما انقضى.
ثمّ إنّه ربّما يتوّهم أنّ سبب التحريم في الكبيرة وصف كونها أمّ الزوجة ، وفي الصغيرة وصف كونها ربيبة ، وهذا يستلزم لأن تبقى زوجيّة الكبيرة ليطرأ على الصغيرة عنوان الربيبة فينعدم زوجيّتها ، وأن تبقى زوجيّة الصغيرة ليطرأ على الكبيرة عنوان أمّ الزوجة ، فينعدم زوجيّتها فيصير بقاء كلّ من الزوجيّتين علّة لزوال الاخرى ، وحينئذ فإن تقارنا في التأثير يلزم اجتماع الوجود والعدم في كليهما في زمان واحد ، وإن تعاقبا فيه يلزم أن يصير المؤثّر المتأخّر موجودا بعد الانعدام.
فالوجه أن يقال : لا شكّ أنّ بقاء كلتا الزوجيّتين وعدم ارتفاع شيء منهما مناف لأدلّة تحريم أمّ الزوجة والربيبة ، ولا يمكن الالتزام بانعدام احدى الزوجيّتين