نعلم إجمالا بأنّ كثيرا من الأخبار التي بأيدينا وغالبها وجلّها صادرة ، وطريقنا إلى هذا العلم هو الفحص عن حال الرجال ومتانتهم وضبطهم وحفظهم الأحاديث لأن لا يتغيّر حرف وكلمة ولا يزيد ولا ينقص ، وغير ذلك مثل اقتصارهم على ما سمعوا دون ما وجدوا في الكتب ، حتّى أنّ بعضهم قد سمع من أبيه في حال الصغر فلم يرو عن أبيه لأجل كونه صغيرا في حال السماع ، وروى عن أخويه ، ومثل تركهم رواية من يعمل بالقياس ، حتّى أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى أخرج البرقي عن القم لأنّه كان يروي عن الضعفاء مع كمال وثاقته ؛ لأجل مجرّد روايته عن الضعفاء ، إلى غير ذلك.
فيحصل من ذلك علم إجمالي بأنّ كثيرا من الأخبار صادرة عن المعصومين عليهمالسلام ، ويكون في هذه الأخبار مقدار المعلوم الإجمالي على قدر التكاليف المعلومة بالإجمال ، يعني نعلم اجمالا بصدور هذا المقدار في الأخبار التي بأيدينا ، وحينئذ ينحّل علمنا الإجمالي بالتكليف إلى علم إجمالي صغير وشكّ بدوي ، كما لو كان هذه الأخبار الصادرة التي نعلم بوجودها إجمالا بين الأخبار معلومة لنا بالتفصيل ، فإنّه لا إشكال في انحلال العلم الإجمالي حينئذ إلى العلم التفصيلي بموارد هذه الأخبار والشكّ البدوي في غيرها. فكذلك في فرض العلم الإجمالي بالأخبار الصادرة في ضمن الأخبار ، فإنّه ينحّل إلى العلم الإجمالي بخصوص ما في الأخبار والشكّ البدوي في غيرها.
وليعلم أنّ النافع لانحلال العلم هو العلم الإجمالي بصدور خصوص الأخبار المثبتة للتكليف كما هو واضح ، ولا بعد في وجود هذا العلم ، فإنّ الأخبار المثبتة كثيرة ، وبضميمة حال الرجال يحصل العلم الإجمالي بصدور غالبها ، وإن كان لنا هذا العلم أيضا في خصوص النافية أيضا فهنا علمان إجماليّان ، أحدهما متعلّق بالمثبتة والآخر بالنافية ، إلّا أنّ النافع للانحلال هو العلم الإجمالي الذي يكون قوامه بالمثبتة المحضة ، وأمّا لو كان قوامه به وبالنافية بمعنى أنّه لو لم يضمّ النافية إلى المثبتة