فلا يبقى علم إجمالي ، فلا يؤثّر في انحلال العلم الإجمالي بالتكليف.
ونحن نمثّل لذلك مثالا في العلم الإجمالي الصغير حتى يتّضح الحال في الكبير ، مثلا لو علمنا إجمالا بوجود واجب واحد علينا وكان غير معلوم بعينه ومشتبها بين الأفعال ، فقام عندنا خبر على وجوب فعل معيّن ، وقام خبر آخر على وجوب فعل آخر ، وقام خبر ثالث على إباحة فعل ثالث ، فإن حصل لنا علم إجمالي بصدور واحد من هذه الأخبار الثلاثة ، فالعلم الإجمالي الأوّل بوجود واجب باق بحاله. وأمّا لو حصل لنا علم إجمالي بصدور أحد الخبرين الدالّين على الوجوب فلا شكّ أنّ العلم الإجمالي بتكليف واحد ينحّل إلى تفصيلي بالموجود بين الفعلين وشكّ بدوي في غيرهما وهذا واضح.
والجواب عن هذا الوجه أنّه لا يفيد المدّعى ؛ فإنّ غاية ما يثبت بهذا هو وجوب العمل على طبق الخبر ، لمكان العلم الإجمالي المذكور ومن باب الاحتياط لإحراز الواقع ، وهذا غير حجيّة الخبر التي إثباتها مهمّنا.
فعلى هذا لو كان في قبال الخبر عموم الكتاب أو السنّة القطعيّة أو إطلاق أحدهما لم يخصّص العموم وتقييد الإطلاق بالخبر ، بل يجب العمل بهما دون الخبر ، وكذلك لو قام أصل ـ ثبت حجيّته بالأخبار المتواترة ونحوها ـ على خلاف الخبر لا يجب طرح الأصل ؛ لعدم الحجّة في قباله ، سواء كان الأصل المخالف نافيا للتكليف أم مثبتا لتكليف آخر ضدّ ما يفيده الخبر ، كما لو أفاد الخبر وجوب الفعل وقام الاستصحاب (١) مثلا على حرمته ، بل الواجب حينئذ هو العمل بالأصل في المقامين ، غاية الأمر أنّه أصل قائم في بعض الموارد التي علم إجمالا بخلاف الأصل فيها ؛ فإنّ الأصل معمول به في هذا المورد إذا كان بلا معارض ، كما في الإنائين
__________________
(١) وقد يستفاد من شيخنا الاستاد دام بقاه دعوى تواتر الأخبار بحجيّة الاستصحاب. منه قدسسره الشريف