المشتبهين بالنجاسة إذا كان الأصل في أحدهما فقط هو الطهارة ، فإنّه جار بلا إشكال.
نعم لو قلنا بأنّ العلم المأخوذ غاية للاصول أعمّ من التفصيلي والإجمالي ، لما كان له حينئذ مجرى ، ولكنّه خلاف المختار ، وإذن فالواجب هو العمل بالأصل النافي أو المثبت المقابل للخبر ، فإنّه لا يعقل مزاحمة اللاحجّة مع الحجّة.
هذا كلّه مع عدم العلم بمخالفة الاصول إجمالا ، وأمّا لو علم إجمالا ذلك فإن كان العلم الإجمالي بمخالفة بعض الاصول المثبتة للتكليف للواقع ومطابقة الخبر الدالّ على ضدّ هذا التكليف له ، بمعنى أنّا إذا لاحظنا مجموع الاصول المثبتة القائمة على خلاف الأخبار المثبتة في الموارد المتفرّقة كما لو قام الخبر في مورد على الوجوب والأصل على الحرمة ، وفي مورد آخر قام الخبر على الحرمة والأصل على الوجوب وهكذا ، فإنّا نعلم إجمالا بصدور بعض هذه الأخبار القائم في قبالها الأصل المثبت للتكليف ، فيتولّد منه العلم الإجمالي بمخالفة بعض من هذه الاصول المثبتة القائمة على خلاف الخبر للواقع ، فيلزم من العمل بهذه الاصول في جميع هذه الموارد وطرح العمل بالخبر في قبالها مخالفة قطعيّة للتكليف.
فيكون كما إذا كان الأصل في كلّ من الإنائين المشتبهين هو الطهارة ، فإنّ العمل بالأصل موجب لمحذور المخالفة القطعيّة للتكليف المعلوم بالإجمال ، غاية الأمر أنّ الاحتياط هناك ممكن بالاجتناب عن كلا الإنائين ، لكونه جمعا بين الدليل والأصل ، فإنّ مقتضى الأصل هو الترخيص في الارتكاب لا إلزامه ، فاختيار الاجتناب ليس مخالفة له ، وأمّا هنا فالاحتياط غير ممكن ، لكونه من باب الدوران بين المحذورين ؛ لدوران الأمر في كلّ من الجمعة والدعاء مثلا بين الوجوب والحرمة ، فالاحتياط بالجمع بين الواقع المعلوم والأصل غير ممكن.
فحينئذ هل يجب إلغاء الأصلين في المقام للزوم المحذور المذكور كما في مثال المشتبهين والاحتياط بعد ذلك بالعمل بالخبرين باجتناب الجمعة وإتيان الدعاء ،