كان المراد بالزمان الماضي والاستقبال الواقع في كلمات القوم في هذا المقام هو ما ذكرنا وكان التعبير به من باب ضيق العبارة فحسن ، وإن كان المراد هو الزمان الاصطلاحي ففيه ما عرفت.
وأمّا الفعل المستقبل فقد صرّح النحاة باشتراكه بين الحال والاستقبال ، أمّا استعماله في الاستقبال فواضح ، وأمّا في الحال ففيه إشكال ؛ لعدم صحّة قولنا : «يقوم» بالنسبة إلى حال التلبّس مع صحّة قولنا : «قائم» وعدم صحّة قولنا : أرى في الأمس بالنسبة إلى هذا الحال ، مع أنّ المراد بالحال في هذا المقام وفي باب المشتق واحد ، ويأتى أنّه هناك زمان الإجراء والنسبة ، ولكن يصحّ أن يقال في الأربعاء : جاءني زيد فى يوم الاثنين وكان يضرب عمروا في يوم الثلثاء.
وأمّا صحّة قولنا : يصلّي وقولنا : أرى القمر بالنسبة إلى حال التلبّس فهي لأجل أنّ الاتّصاف بالصلاة إنّما هو بالإتمام ، فزمان الاتّصاف بالنسبة إلى حال الاشتغال الذي هو زمان النسبة مستقبل.
ألا ترى أنّه لا يصح قولنا : يشتغل بالصلاة بالنسبة إلى هذا الحال مع صحّة «مشتغل» ، وأمّا المثال الثاني فيصحّ في مكانه رأيت القمر أيضا ، ألا ترى أنّه يقال لرائي القمر في حال الرؤية هل رأيت القمر؟ فيقول نعم ويقال : هل ترى القمر؟ فيقول أيضا : نعم ، فإن صحّحت الماضويّة في الأوّل بالآن العقلي فصحّح الاستقباليّة أيضا في الثاني به ، وإن اردت بالحال الزمان القريب بالحاضر من الاستقبال فمثله يجري في الماضي أيضا ، فهلّا تقول بأنّ فعل الماضي أيضا مشترك بين المضيّ والحال؟
الثالث : لا إشكال أنّ الماضويّة والحاليّة والاستقباليّة إنّما يعتبر في هذا الباب بالنسبة إلى زمان الإجراء والنسبة ، فزمان الاتّصاف لو كان حالا بالنسبة إلى زمان النسبة فهذا مورد الاتّفاق على كون المشتق حقيقة ، ولو كان مستقبلا بالنسبة إليه فهذا محلّ الإطباق على كونه مجازا ، ولو كان ماضيا بالإضافة إليه فهذا محلّ الكلام في كونه حقيقة أو مجازا ، سواء كان في جميع هذه الصور زمان الاتّصاف بالنسبة إلى زمان النطق ماضيا أم حالا أم مستقبلا، وعلى هذا فقولنا : زيد ضارب غدا ليس