الاصول المثبتة لو كان في أطراف العلم بالتكاليف فهي جارية ويورث انحلال العلم.
فأمّا القطع والظنّ الخاص فلا سبيل لنا إليهما ، والاحتياط غير واجب أو غير ممكن، والعمل بالاصول المثبتة والاكتفاء بها في هذا المقام غير جائز فثبت أنّ الامتثال القطعي بجميع طرقه وأنحائه ليس شغلا تعيينيّا لنا ، فالعبارة الجامعة أنّ الامتثال والخروج القطعي ليس واجبا علينا أعمّ من أن يكون من جهة عدم الإمكان أو من جهة الرخصة في تركه مع الإمكان ، أو من جهة عدم جوازه في هذا المقام.
والمقدّمة الثالثة : أنّ حالنا ليس كالبهائم والمجانين حتّى يجوز لنا إهمال هذه الوقائع المشتبهة وترك التعرّض لها ، سواء كان بواسطة إجراء أصالة البراءة في جميع موارد ثبوت التكليف أو بدون واسطتها.
والمقدّمة الرابعة : أنّ تقديم الموهومات والمشكوكات على المظنونات قبيح ، هذا.
أمّا المقدّمة الاولى : فهي من الوضوح بمثابة لا تكون مخفيّة على أهل الملل والأديان الخارجة عن الإسلام ، فإنّهم أيضا عالمون بأنّ في شريعة الإسلام أحكاما وتكاليف مجعولة لا بدّ للداخل فيه من التديّن بها والعمل عليها.
وأمّا المقدّمة الثانية : فبالنسبة إلى دعوى عدم السبيل إلى العلم في مقدار الوافي من الأحكام بمقدار المعلوم بالإجمال يساعدها وجدان كلّ أحد ؛ فإنّ المعلومات بالتواتر أو الضرورة من الأحكام قدر قليل إذا لوحظ في جنب الباقي يلحق بالمعدوم.
وأمّا بالنسبة إلى انسداد الظنّ الخاص بالمقدار الوافي ، فالانصاف أنّ خبر الواحد حسب قضيّة الأدلّة المتقدّمة يكون حجّة بمقدار واف وهو خبر الثقة ، بل بملاحظة بناء العقلاء قلنا : إنّ الحجيّة لا يختصّ بخصوص هذا ، بل تشمل كلّ خبر موثوق بصدوره وإن لم يكن من جهة وثاقة الراوي ، ولهذا استقرّ بناء المشهور على انجبار الخبر الضعيف بعمل الأصحاب ، ووجهه أنّ بعملهم يحصل الوثوق بصحّة