علمنا إجمالا أنّ ثلاثين من هذه الاصول مخالف للواقع بمعنى أنّ عوضها اللاتكليف ، فنعلم بقضيّة العلم الإجمالي بمائة تكليف بثبوت ثلاثين تكليفا في غير موارد الاصول ، فيحصل العلم الإجمالي في خارج الاصول ، فيجب الاحتياط فيها.
ونظير هذا ما لو علمنا بوجود عشرين شاة موطوءة في جملة قطيع غنم ، فأخبر البيّنة بموطوئيّة عشرين من هذا القطيع ، ثمّ علمنا بأنّ عشرة من هذا العشرين غير موطوءة وإخبار العادل بموطوئيّتها كذب ، فإنّه يجب حينئذ الاجتناب من كلّ القطيع.
وأمّا بالنسبة إلى الاحتياط بأن يرتكب كلّ محتمل الوجوب ويجتنب كلّ محتمل الحرمة فربّما يدّعي بعضهم بأنّ ذلك موجب لأمر أعظم من العسر والحرج وهو اختلال النظام وفساد امور العامّة معاشا ومعادا ، وادّعى ذلك أيضا شيخنا المرتضى ، فيكون الاحتياط حراما بالدليل العقلي ، ولسنا رهين اقامة الدليل الشرعي على رفع وجوب موجب العسر وتقرير الدعوى أنّه على هذا يلزم بأن يرفع جميع الناس أيديهم عن أشغالهم ويصرفوا جميع وقتهم في تعلّم موارد الاحتياط ، ويصرف المجتهد وقته في تعليم ذلك إيّاهم ؛ إذ كثيرا ما يتّفق الاحتياط في الاحتياط ، فيجب معرفة ذلك لمقام الابتلاء والحاجة.
أقول : الإنصاف عدم استلزام الاحتياط في جميع الموارد اختلال النظام وفساد جميع امور بني النوع ، وتوضيح ذلك أنّ كثيرا من الأفعال لا يحتمل أحد وجود التكليف فيها ، أترى أنّ أحدا يحتمل أن يكون جعل اليد بوضع خاص مثلا محرّما شرعا؟ وهكذا من هذا القبيل كثير ، فهذه الموارد خارجة عن أطراف العلم ، بقي الموارد التي يكون وجود التكليف فيها احتمالا عقلائيّا إما لكون العنوان مستحدثا غير موجود في عصر الشارع مثل شرب التتن ، فيحتمل وجود التكليف فيه ولم يبلغ إلينا ، أو لغير ذلك ، وهذه الموارد محصورة لا يحصل الاختلال من مراعاة الاحتياط فيها ، فلاحظ موارد ذلك من الصلاة ، فإنّ أحد موارد الاشتباه فيها اللباس المشكوك فيبني على خلعه في حالها ، وأحدها جلسة الراحة فيبني على