أنّ «لا تشرب الخمر» لم يكن فعليّا ، فينحل العلم الإجمالي ويتبدّل بالشبهة البدويّة ، فإنّ الواقع على تقدير وجوده في الأطراف الغير المرخّص فيها كان حكما فعليّا واجب الامتثال.
وعلى تقدير وجوده في الأطراف المرخّص فيها كان شأنيّا وليس له وجوب الامتثال ، فالعلم الإجمالي وإن كان حاصلا بأصل الحكم أعمّ من الفعلي والشأني ، لكن بخصوص الفعلي غير حاصل ، والعلم الذي يكون الامتثال معه واجبا عقلا هو العلم بالتكليف الفعلي ، فالعلم الإجمالي على هذا المبنى يرتفع من البين ، فلا بدّ من التمسّك لإيجاب الاحتياط في غير الطائفة المرخّص فيها بدليل آخر وهو أن يقال : إنّه وإن لم يكن علم إجمالي بالتكليف الفعلي مع الرخصة الشرعيّة ، ولكن قام الإجماع القطعي على أنّه لا يجوز ترك جميع المحتملات.
ولكن يرد عليه حينئذ أنّه لا وجه لتعيّن العمل بالمظنونات ، بل يمكن عدم ترك جميع الوقائع بإتيان الموهومات والمشكوكات ، فإنّ المعيّن له هو لزوم إتيان الواقع وتنجّزه ، والمفروض أنّ شرط ذلك وهو العلم الإجمالي مفقود.
فإن قلت : نستكشف من هذا الإجماع اهتمام الشارع بالواقعيّات ، فيكون احتمالها في كلّ واقعة احتمالا للواقع المهتمّ به وهو عند العقل منجّز كالعلم ، ومن هذا الباب أيضا منجزيّة الأحكام الطريقيّة للواقع ، فإنّ احتمال الواقع في مواردها احتمال للواقع الذي اهتمّ به الشارع حتّى جعل للوصول إليه هذا الطريق ، ولأجل هذا أيضا يلزم الفحص عند دعوى مدّعى النبوّة عن صدقه وكذبه.
قلت : أيّ فرق بين هذا وبين احتمال كون الواقع الموجود في مورد الشبهات البدويّة الأخر واقعا مهتمّا به؟ ومجرد كون الكبرى في المقام قطعيّة ـ وهو كون الواقع مهتمّا به وإنّما الشكّ في مقام التطبيق والصغرى ، وفي سائر المقامات يكون الشكّ في كلتا المقدّمتين ، أعني نشكّ في أصل وجود الواقع في المورد وفي كونه على تقدير الوجود مهتمّا به ـ لا يجدي شيئا بعد كون النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين ، ففي كلتا