بل يكون كما على الحكومة ، فيقال في المقام أيضا : إذا علمنا بالإجماع بأنّ الشارع جعل لامتثال الأحكام المحتملة طريقا ولم يبيّن لنا أنّ هذا الطريق ما ذا تعيّن في ما هو الطريق عندنا؛ إذ لو لم يكن هذا مراده كان عليه البيان ، فيستكشف بملاحظة هذا من الإجماع الأوّل حجيّة الظن ، ولكن كما عرفت يلزم الحجيّة الشرعيّة دون العقليّة الثابتة بمعونة المقدّمة الرابعة.
وكيف كان فعلى المبنى الذي هو المختار من أنّ الرخصة في ترك الاحتياط الكلّي لا يورث قدحا في العلم الإجمالي يتمّ حجيّة الظنّ بحكم العقل.
وينبغي التنبيه على امور.
الأوّل : الظنّ الذي يكون حجّة بمقتضى المقدّمات هل هو أيّ ظنّ؟ فنقول : هنا احتمالات ثلاثة :
الأوّل : أن يكون الحكم والتكليف نفيا وإثباتا دائرا مدار الظنّ وتابعا له ، فإذا حصل الظنّ بالتكليف حكم بإثباته ، وإذا حصل بعدمه حكم بالعدم ، والحاصل يعامل مع الظنّ في كلّ مورد حصل ، معاملة العلم ، وفي الموارد المشكوكة يرجع إلى الاصول الثابتة في تلك الوقائع ، وهذا هو مراد المشهور القائلين بحجيّة الظنّ المطلق.
والثاني : أن يؤتي بالموافقة الظنيّة ويعمل بالظنّ على مقدار عدد التكاليف المعلومة بالإجمال ، بأن يلاحظ أنّ القدر المتيقّن من العلم الإجمالي بالتكليف في الوقائع المشتبهة أيّ عدد ، فيعمل بمظنونات الوجود بهذا العدد ، فلو فرض أنّ القدر المتيقّن مائة تكليف وكان الظنون المثبتة للتكليف خمسمائة فلا يجب علينا إلّا العمل بمائة من هذه الخمسمائة ونترك الاحتياط في عداها ؛ فإنّ قضيّة العلم الإجمالي بمائة تكليف أوّلا هو الامتثال القطعي لمائة تكليف بأن يؤتى بتمام المحتملات ، فإذا فرض التنزّل عن هذه المرتبة كان الواجب بعد ذلك الامتثال الظني لمائة تكليف.
فإذا كانت الظنون المثبتة خمسمائة فأوّلا لا بدّ من ملاحظتها من حيث القوّة و