عاص ، فإن حكم بالأوّل كما هو الذي نجده بالوجدان كان هذا معنى حكم العقل بترك حقيقة المخالفة ، وسمّ ذلك ما شئت ، وإن كان حكمه بالثاني كان هذا معنى اكتفائه بموافقة واحدة ، وسمّه أيضا ما شئت.
والحاصل : فإن قلنا بالثاني فلا محيص عمّا ذكره شيخنا المرتضى من الوجه الثالث ، وذلك لأنّ من علم بمائة تكليف يجب عليه بمقتضى العلم الإجمالي أوّلا القطع بعدم مخالفة مائة تكليف ، ولا يحصل إلا بإتيان جميع محتملات الوجوب وترك جميع محتملات الحرمة ، فإذا تنزّلنا عن القطع كان الواجب عليه الظنّ الاطمئناني بعدم مخالفة مائة تكليف ، وهذا لا يحصل إلّا بتخصيص ترك الاحتياط في الظنون الاطمئنانيّة بعدم التكليف ، فإنّه لو ترك الاحتياط في المشكوكات لم يحصل الظنّ الاطمئناني بعدم مخالفة المائة ، بل يحتمل خلافه ، فلو كان هناك مائة ظن اطمئناني بثبوت التكليف لا يجوز الاقتصار عليها ؛ إذ لا يحصل الظنّ الاطمئناني بعدم مخالفة مائة تكليف بموافقتها ، بل يتوقّف على الاقتصار في ترك الاحتياط على موارد الظنّ الاطمئناني بعدم التكليف ، فإن حصل العسر يضمّ بعض من موارد الظنّ الضعيف بعدم التكليف إلى حدّ انتفى الحرج.
وإن قلنا بالوجه الأوّل تعيّن ما لا قائل له من الوجه الثاني ، فإنّ من علم بمائة تكليف كان الواجب عليه أوّلا بحكم العقل موافقة مائة تكليف قطعا بأن يأتي بجميع محتملات الوجوب ويترك جميع محتملات الحرمة فإذا تنزّلنا عن القطع كان الواجب عليه الظّن الاطمئناني بموافقة مائة تكليف ، فإذا عمل على طبق مائة ظن اطمئناني مثبت للتكليف حصل ذلك ولا يجب عليه العمل بالظنّ أزيد من هذا ، فقد تحقّق أنّ ما ذكره الجمهور القائلين بمطلق الظنّ من الوجه الأوّل لا يستقيم على قاعدة.
ثمّ التحقيق من المبنيين هو الثاني ، بمعنى أنّ حكم العقل في العلم الإجمالي تنجيز عدم مخالفة المقدار المعلوم الإجمالي على المكلّف لا تنجيز موافقة هذا المقدار ، والدليل على ذلك أنّه لو فرض أنّ المكلّف علم إجمالا بنجاسة أحد الإنائين وكان