الفصول قدسسرهما ، فإنّه مدّع للعلم الإجمالي بثبوت الطرق ، والطريق إذا تعلّق العلم به يصير مبرئ ، وبالجملة ، موضوع المبرئ أعني الطريق المعلوم الحجيّة متحقّق على هذا ، فيكون الظنّ بالطريق ظنّا بالمبرئ أعني الحجّة المعلوم الحجيّة.
والوجه الثاني : ما ذكره الشيخ محمّد تقي صاحب الحاشية وهو مركب من مقدّمات :
الاولى : إنّا نقطع ببقاء التكليف بالنسبة إلينا بالواقعيات وأنّ مجرّد الجهل بالتعيين لا يوجب سقوطها عنّا.
والثانية : أنّ كلّ ما يجب حال انفتاح باب العلم تحصيل العلم به ففي حال الانسداد يلزم الظنّ بهذا الشيء ، ويقوم الظنّ به في هذا الحال مقام العلم في تلك الحال.
والثالثة : أنّ الواجب في حال الانفتاح هو تحصيل العلم بالمبرئ في حكم المكلّف والآمر وفي نظره ، فيكون الواجب في حال الانسداد أيضا تحصيل الظنّ بالمبرئ ، وذكر في بعض مقدّمات مطلبه في مقام الاستشهاد على هذه الدعوى ـ أعني كون الواجب في حال الانفتاح هو العلم بالمبرئ في نظر الآمر ـ ما حاصله أنّه يتّضح ذلك بملاحظة سيرة السلف وأصحاب النبي والأئمّة عليهمالسلام ، فإنّ المعلوم من حالهم عدم بذل الجهد في تحصيل الواقع ، بل همّهم كان بتحصيل العلم بالمبرئ ، وإلّا لوجب أن يقتصروا فى طريق تحصيل الأحكام وتعليمها على السماع من المعصوم أو بالتواتر أو بالخبر المحفوف بالقرينة القطعيّة ، ومن المعلوم عدم كون ذلك من سيرتهم ، فنعلم من هذا أنّ الواجب في حال الانفتاح لم يكن تحصيل الواقع علما ، بل كان هو العلم بالمبرئ.
والرابعة : أنّ الظنّ بالواقع ليس مستلزما للظنّ بالمبرئ ، بخلاف الظنّ بالطريق ، فإنّه مستلزم له ، أمّا عدم استلزام الظنّ بالواقع للظنّ بالمبرئ فلأنّه يجتمع مع القطع بعدم الإبراء كما في الظنّ الحاصل من القياس ، فإنّه ظن بالواقع ومع ذلك نقطع بعدم