الإبراء ، ولو كان الظن بالواقع ملازما للظنّ بالابراء لامتنع هذا.
وأمّا استلزام الظنّ بالطريق للظنّ بالمبرئ فلأنّ معنى الحجيّة والطريقيّة هو أنّ المولى متقبّل لو سلّم إليه العمل على وفق الطريق ولو لم يكن مطابقا للواقع ، ولازم هذا سقوط الواقع وفراغ ذمّة المكلّف عنه ، فيكون الظنّ بالطريق ملازما للظنّ بالإبراء ، هذا حاصل ما مهّده لاستنتاج المطلب المذكور.
أقول : ويرد عليه.
أوّلا : النقض بما إذا حصل الظنّ بالطريق أيضا من طريق القياس ، فإنّه ظن بالطريق وقد اجتمع مع القطع بعدم الإبراء ، فعدم الملازمة على فرض تسليمه مشترك الورود بين الظنّين ولا وجه لتخصيصه بالظنّ بالواقع.
وثانيا بالحل ، وهو أنّا لا نتعقّل معنى لقوله : إنّ الواجب في حال الانفتاح هو تحصيل العلم بالمبرئ في حكم المكلّف والآمر ؛ فإنّ البراءة وفراغ الذّمة عقيب الامتثال لا يرتبط بحكم الآمر ، وإنّما الحاكم بها العقل دون الآمر ، ووظيفة الآمر إنّما هو جعل نفس الحكم أو نفس الطريق ، وأمّا حصول البراءة والفراغ عقيب عمل المكلّف على طبق ما جعله الآمر من الحكم أو الطريق فليس إلّا بحكم العقل.
وإذن فليس العلم بالواقع أو بالطريق في حال الانفتاح علما بالمبرئ ، وإنّما يحصل العلم بالمبرئ بعد العمل الخارجي على طبق الحكم أو الطريق المعلومين.
هذا حال الانفتاح ، وأمّا في زمان الانسداد فلا فرق أيضا بين الظنّ بالواقع والعمل على وفقه ، والظن بالطريق والعمل به في أنّ العمل على وفق كلّ منهما يوجب الظنّ بالبراءة ، كاستلزام العلم بهما مع العمل للعلم بالبراءة في حال الانفتاح بلا فرق أصلا ، فهل ترى المكلّف لو ظنّ بوجوب الدعاء عند الرؤية عليه فأتى به لا يظن بسقوط هذا الوجوب المظنون عنه ؛ إذ لا يعقل بقاء التكليف بالواقع مع إتيان المكلّف به.
وأمّا ما ذكر من القطع بعدم الإبراء في الظنّ القياسي ، فإنّما المقصود بهذا القطع أنّه على تقدير خطاء هذا الظنّ وظهور كون التكليف على خلافه ، كما لو كان ما ظنّ