بوجوبه بهذا الظنّ محرّما واقعا لا يكون المكلّف معذورا في ترك الواقع ؛ إذ معنى هذا في ما إذا كان الظنّ بعدم التكليف والوهم بثبوته وكان المقطوع الحرمة الطريقيّة جعل إيجاب الاحتياط الطريقي بمراعاة جانب الوهم ، وأمّا مع الحرمة النفسيّة فمعذوريّة الظنّ بحالها ، غاية الأمر ارتكب معصية بالركون إليه ، كما أنّ معناه في الظنّ بالثبوت هو عدم فعليّة الواقع المظنون من حيث هذه الجهة سواء كانت الحرمة طريقيّة أم نفسيّة.
وأمّا على تقدير الإصابة كما هي المظنون فلا يعقل تفكيك الظنّ بالواقع مع الظنّ بالإبراء ولو في الظنّ القياسي ، فإنّ العمل بالقياس إمّا نقول بحرمته موضوعا وبالحرمة النفسيّة كشرب الخمر ، وحينئذ لا منافاة بين حصول البراءة عن التكليف الواقعي واستحقاق العقوبة على ارتكاب هذا المحرّم النفسي ، وإمّا أن نقول بأنّ معنى حرمته هو مجرّد عدم حجيّته ، وحينئذ فمن الواضح حصول البراءة على تقدير الإصابة ، وبالجملة ، فالظنّ بالواقع من أيّ طريق حصل ولو كان من طريق مقطوع عدم حجيّته يكون ملازما للظنّ بالإبراء عقيب العمل على طبقه ، هذا.
مضافا إلى أنّه يرد عليه قدسسره ما أوردناه على شيخنا المرتضى ، فإنّه قدسسره غير مدّع للعلم الإجمالي بثبوت الطرق المجعولة ، فيرد عليه أنّ الظنّ بالطريق ليس ظنّا بالمبرئ ، فإنّ نفس الحجيّة الواقعيّة ليست بمبرئ ما لم يعلم بها المكلّف ويستند عمله إليه ، فلم يكن الظنّ بنفس الحجّة ظنّا بالمبرئ.
الأمر الثالث : إنّ نتيجة مقدّمات دليل الانسداد هل هي حجيّة الظنّ على وجه الكشف أو على نحو الحكومة (١)؟ قولان ، والمراد بالكشف أن تكون تلك
__________________
(١) وهم ودفع ، أمّا الأوّل فهو أنّه ما معنى هذا النزاع مع تسليم الجانبين أنّ مرحلة الامتثال غير قابلة لحكم الشرع ، وإنّما المتصرّف فيه العقل ، فكيف يمكن أن يستكشف العقل جعل الشرع في ما لا يقبل الجعل ، أمّا الثاني فهو أنّ تصرّف الشرع يمكن على نحوين ، الأوّل : أن يقوم الشرع في مقام العقل ويحكم ما حكمه العقل من تعيين وظيفة ـ