المأمور به ، كذلك الإطاعة الظنيّة أيضا يكفي في تمام اللطف في موردها الأمر الأوّلي ، فلا مدخليّة للأمر ثانيا بنفسها في اللطف أصلا.
إذا عرفت هذا فنقول : أمّا على مبنانا الذي أسلفناه في المقدّمات فلا محيص عن القول بالحكومة ، وهو أنّ العلم الإجمالي بالواقعيات محفوظ ولا يورث قدحا فيه أصلا الترخيص الشرعي الوارد في موارد لزوم العسر ، فإنّه حكم ظاهري ، ومتعلّق العلم حكم واقعي ، وهما مرحلتان طوليّان ، فليس للترخيص في بعض الأطراف بحسب الرتبة الثانية مساس بالعلم الإجمالي (١) المتعلّق بالأحكام بحسب الرتبة
__________________
(١) الحقّ اختصاص الجواب عن إشكال مناقضة الظاهري مع الواقعي بتعدّد الرتبة بالشبهات البدويّة ، أمّا في موارد العلم الإجمالي فللتوفيق ورفع المناقضة مسلكان سلكهما شيخنا الاستاد دام بقاه في بحثه ، أحدهما أنّ الشرع يقوم مقام العقل ويظهر ما لا يدركه العقل ، فكما أنّ العقل لو أدرك مفسدة أهمّ في الموافقة القطعيّة يحكم بسقوطها ، كذلك لا مانع لو لم يدرك ، ولكن الشرع بما هو عقل كامل يقوم مقام عقل المكلّف ويبيّن له ما كان عقله يريد ويرشد لو كان يدرك تلك المفسدة ، ولا مناقضة بين حكمه في هذه النظرة مع حكمه الصادر عنه بالنظرة المولويّة والشارعيّة ، كالمفتي بحرمة العصير الذي يرشد العوام باعتبار كونه خبرة إلى الأعلم منه ، المفتي بحليّته ، فإنّ إرشاده إلى تقليد ذلك الأعلم حتى في مسألة العصير لا يناقض فتواه وحكمه بحرمة العصير واعتقاده بخطاء رأى الأعلم المذكور ، لأنّ الثاني من حيث كونه مفتيا ، والأوّل من حيث كونه خبرة ومرشدا.
والمسلك الثاني : سلّمنا عدم قبول مرحلة الامتثال لتصرّف الشرع حتى بمثل هذا التصرّف الذي مرجعه إلى تنزيل نفسه منزلة العقل ، وإلغاء جنبة المولويّة وإصدار الحكم الإرشادي ، ولكن نقول : لفعليّة الواقع مراتب ، فمرتبة منها هي الفعليّة التامّة من جميع الجهات أعني من الجهات الراجعة إلى قيود نفس ما هو محصّل الغرض بحيث كان مع انتفائها المقتضى ناقصا ، ومن الجهات الأخر الطارئة بملاحظة المزاحمات وملاحظة الكسر والانكسار الحاصلة في طريق امتثال الحكم الصادر على طبق محصّل الغرض ، مثل الحرج اللازم عند الإتيان بجميع الأطراف والمحتملات ، ومرتبة اخرى هي الفعليّة ـ