الامتثال القطعي إلى الامتثال الاطمئناني ، ويكون الثاني متعيّنا بعد الأوّل بحكومة العقل واستقلاله.
الامر الرابع : في أنّ نتيجة مقدمات الانسداد هل هي مهملة على كلّ من تقريرى الحكومة والكشف ، أو ليست بمهملة على كليهما ، أو مهملة على أحدهما ومعيّنة على الآخر؟
تفصيل الكلام في ذلك أنّه أمّا على القول بالحكومة فلا إهمال في النتيجة أصلا ، وليس هذا مبتنيا على الكبرى التي ذكرها شيخنا المرتضى من أنّ حكم العقل لا يقبل الإهمال، فإنّه أوّلا يأخذ في الموضوع كلّ قيد يرى دخله في الحكم وبعد استجماع تمام هذه الصور يحكم ، ومن المعلوم أنّ الموضوع المستجمع لها واجد أبدا للحكم ، ولا يرتفع الحكم منه في وقت ، ووجه عدم الابتناء (١) أنّا قد استشكلنا في هذا الكلام كما يأتي في محلّه في مبحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى ، وحاصله أنّ الموضوع الذي لا يقبل الإهمال ولا يتصوّر فيه الإجمال هو ما يكون موضوعا لإدراك العقل فعلا ، فإنّه لا محالة يدرك القبح في موضوع متبيّن ، وهو ما اجتمع فيه القيود المحتملة الدخل ، وبعبارة اخرى : ما كان اتّصافه بالحسن أو القبح متيقّنا على كلّ تقدير.
مثلا ضرب اليتيم إذا انضمّ إليه قصد الإيذاء صار موضوعا لجزم العقل وانزجاره الفعلي ، وكذلك الكذب الضارّ يجزم العقل بقبحه ، فموضوع الجزم و
__________________
(١) لكن يمكن تقرير كلام شيخنا المرتضى قدسسره بأنّ ما يجزم ويدرك حسنه فعلا عند تمام المقدّمات لا يقبل الإهمال ولو كان بعض القيود المأخوذة في موضوع جزمه وحكمه الفعلي مشكوك الدخل في الملاك ، والكلام هنا أيضا في أنّ ما يحكم عليه العقل بالحجيّة هو المهملة أو المعيّنة ، فيتوجّه عليه كلام شيخنا أنّه كيف يمكن إهمال الموضوع في نظر الحاكم والجازم ، يعني أنّ القاطع لا يدري أنّ موضوع قطعه وعدم ترديده هل هو المطلق أو المقيّد ، بل هو متعين عنده لا محالة وإن كان مردّدا في الملاك ، منه قدسسره الشريف.