استرحنا ، وإن قلنا بالثاني فلا بدّ من الالتزام بكون إطلاق الشارع في الآية بملاحظة زمان الاتّصاف ورفع اليد عن ظهور تعليق الفعل على العنوان في اتّحاد زمانيهما من باب الإلجاء.
فنقول : ليس جميع اقسام الظلم باقيا مستمرّا ، بل بعضها كذلك كالكفر وبعضها آنيّ الحصول كضرب اليتيم ، ولا شكّ أنّ عدم النيل بالنسبة إلى الفرد الآني من الظلم لا بدّ أن يعتبر زمانه متأخّرا عن زمان وقوع الظلم ، ولفظ الظالمين في الآية عام لجميع الأفراد ، وشموله للفرد المتّصف بالظلم الآني يوجب الغاء الظهور المذكور للتعليق حتّى بالنسبة إلى الفرد الباقي ظلمه ؛ ضرورة أنّ الحكم قد شمل الأفراد بنهج واحد لاتّحاد القضيّة ، فيكون معنى الآية والله العالم : كلّ من ارتكب الظلم ولو آنا في الزمان السابق لا يناله عهدي أبدا ، فإذا اتّضح أنّ المراد بالآية هذا فلا يكون استدلال الإمام بها شاهدا لا للأعمّي ولا للأخصّي ؛ لتماميّته بعد وضوح المراد على كلا القولين.
وقد أجاب في الكفاية بما حاصله أنّ الأوصاف العنوانيّة المأخوذة في موضوعات الاحكام قد لا يكون لها مدخليّة في ثبوت الحكم لا حدوثا ولا بقاء ، بل إنّما هي معرّفات للخارج واتي بها لأجل الإشارة إليه كما هو الحال في كلمة هؤلاء كما في قولنا : أكرم الحاضرين ؛ فإنّ من المعلوم أنّ الحضور لا مدخليّة له في وجوب الإكرام ، وقد يكون لها مدخليّة فيه ، وحينئذ فإمّا أن يكون مجرّد حدوث الوصف كافيا في حدوث الحكم وبقائه ولا يكون بقاء الحكم منوطا ببقائه ، وإمّا أن لا يكون كذلك بل يكون الحكم دائرا مدار الوصف حدوثا وبقاء ، ويحتمل الوجهان في قولنا : الماء المتغيّر نجس.
فالتعليق في الآية لو كان على الوجه الأخير فتماميّة استدلال الإمام يتوقّف على كون المشتق حقيقة في الأعمّ كما هو واضح ، وأمّا لو كان على الوجه الثاني فيتمّ الاستدلال على كلا القولين كما لا يخفى ، ويمكن أن يجعل جلالة قدر منصب الإمامة والخلافة وعظمة خطره بحيث يناسب أن لا يكون المتضمّن به متلبّسا بالظلم أصلا