الانزجار الفعلي معلوم لدى العقل ، وهو مجموع القيد والمقيّد في المثالين ، وأمّا أنّ ملاك القبح وموضوع القبيح ما ذا؟ فيمكن تشكيك العقل وترديده من جهته وعدم معلوميّته عنده كما في المثالين ، حيث إنّه بعد العلم بوجود الملاك في مجموع القيد والمقيّد لا يعلم بأنّ ما يقوم به الملاك ويدور معه هل هو خصوص المقيّد وإن فارق عنه القيد أو مجموع الأمرين ، فلو سئل عنه أنّ الكذب الغير الضّار قبيح أم لا لأجاب بعدم العلم لا بالعلم بعدم القبح.
فتحصّل أنّه يمكن أن يكون موضوع حكم العقل غير معلوم عنده وإن كان موضع جزمه وإدراكه القبح معلوما لديه.
وحينئذ ففي المقام حيث يحكم العقل في حال الانسداد بحسن العمل بالظنّ يمكن ويتصوّر أن يكون العقل مردّدا وشاكّا في أنّ الظنّ الذي يكون العمل به حسنا في هذا الحال هل هو خصوص الظنّ الاطمئناني ، أو مطلق الظنّ ، فليس المدّعى عدم تصوير الإهمال في النتيجة لكونها حكم العقل ، بل المدّعى أنّ الإهمال مع إمكانه وتصويره لا وقوع له في المقام بحسب الاتفاق.
وبيانه أنّا إمّا أن نقول بأنّ اقتضاء العقل في باب العلم الإجمالي تنجيز عدم مخالفة المعلوم بالإجمال ، وإمّا أن نقول إنّه تنجيز موافقته ، فإن قلنا بالأوّل فلا إشكال أنّ المعتبر أوّلا هو القطع بعدم المخالفة ، كما لا إشكال في أنّ المعتبر بعد القطع هو الاطمئنان ، فكما أنّ المعتبر في حال إمكان القطع كان هو القطع بعدم المخالفة كذلك القائم مقام هذا القطع عند عدم إمكانه هو الاطمئنان بعدم المخالفة ، وإن كان المعتبر حال الانفتاح هو القطع بالموافقة كان القائم مقامه حال الانسداد هو الاطمينان بالموافقة ، فلا بدّ أوّلا من إحراز أنّ قضيّة العقل في باب العلم الإجمالي أىّ من الأمرين ، وبعد إحرازه لم يبق إهمال في حكم العقل في هذا المقام.
هذا كلّه هو الكلام في عدم إهمال النتيجة من حيث درجات الظنّ ، وأمّا من حيث الأسباب والموارد فالحقّ عدمه بناء على الحكومة من هاتين الجهتين أيضا ، و