ألا ترى أنّه ربّما لا تفيد البيّنة ظنّا ، بل يظنّ على خلافها ، وكذلك الحال في ظواهر الألفاظ ، ومع ذلك جعلها الشارع حجّة ، وبالجملة فالمعتبر على هذا هو الأقرب إلى الواقع في نظر الجاعل ، وحيث لا سبيل لنا إلى تعيينه فلا محالة يكون ما جعله حجّة مردّدا غير معلوم ، هذا.
والحقّ أنّه لا إهمال في النتيجة بناء على هذا القول أيضا أصلا ، وموضوع الحجيّة معلوم متبيّن لا إجمال فيه من جهة كما على القول بالحكومة ، بيان ذلك أنّه لا إشكال في قضيّة المقدّمات على هذا هو أنّ الشارع أراد رفع الحيرة عن المكلّفين عند حصول هذه المقدّمات ، وانفتاح القفل لهم بواسطة جعل الطريق ، ولا يحصل هذا الغرض وهو رفع الحيرة والجهالة بمجرّد جعل الطريق واقعا بدون بيانه للمكلّف ، فحيث لم يبيّن طريقا آخر يعيّنه العقل في الطريق الذي له امتياز عمّا عداه في إراءة الواقع والأقربيّة إلى إصابة الواقع والأبعديّة عن مخالفته في نظر المكلّف ، ولا شكّ أنّ هذا بعد تعذّر القطع ليس إلّا الاطمئنان ، ثمّ كلّ مرتبة من الظنّ على ترتيب الدرجات.
وإذن فيصير موضوع الحجيّة في حكم الشرع بناء على الكشف هو الموضوع لها في حكم العقل بناء على الحكومة ، فلم يبق ثمرة بين القولين على هذا.
ثمّ لو سلّمنا وجود الثمرة بين القولين فإنّه إهمال النتيجة بناء على الكشف كما ذكره شيخنا قدسسره ، فيحتاج إلى مقدّمات آخر لتعيين النتيجة ورفع الإهمال عنها ، فنقول : من جملة الوجوه لتعيين النتيجة هو الأخذ بالقدر المتيقن لا بمعنى القدر المتيقّن على وجه الإطلاق، فإنّه لو كان كان حجّة معلومة بالتفصيل وهو خلاف الفرض من انسداد باب العلم والعلمي ، بل بمعنى أنّه على تقدير صدور جعل الطريق من الشارع كان القدر المتيقّن هو هذا القسم.
مثلا لو جعل الشارع طريقا فالقدر المتيقّن في ما بين الشهرة والاستقراء والخبر هو الخبر ، فإنّه حجّة على هذا التقدير قطعا ولا بدّ أن يكون القدر المتيقّن وافيا بمقدار