المعلوم بالإجمال من الأحكام ، وإلّا فالاعتبار بالمتيقّن فالمتيقّن ، مثلا المتيقّن في ما بين الصحيح الأعلائي وخبر الثقة هو الأوّل ، ولو فرض عدم وفائه وأنّ الطريق المجعول موجود في غيره أيضا كان القدر المتيقّن بعده هو خبر الثقة ، وبالجملة ، فتعيين الطريق بهذا النحو ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الكلام في ما إذا لم يكن بين أقسام الطرق قدر متيقّن رأسا ، بل كان كلّها في عرض واحد ، فالمرجع بناء على مذاق الكشفي في هذه الصورة ما ذا؟
فنقول : لا بدّ عنده حينئذ من إقامة مقدّمات الانسداد في نفس الطرق أيضا ، فتكون قضيّتها أنّ الشارع جعل طريقا لتعيين الطريق إلى الحكم الواقعي من بين الطرق ، فإن حصل الإجمال والترديد في طريق الطريق أيضا فصار مردّدا بين امور مع عدم القدر المتيقّن الوافي في البين أعمل المقدّمات مرّة ثالثة في هذه الامور أيضا ، وهكذا يعمل المقدّمات في كلّ مرتبة إلى أن يتعيّن الأمر في واحد معيّن وينحصر الطريق في موضوع مبيّن ، أو متعدّد لا محذور في الاحتياط فيه.
ولنمثّل لك مثالا للتوضيح فنقول : إنّا نعلم إجمالا بوجود أحكام واقعيّة أوّلية للشارع ولا يمكن الاحتياط إلى غير ذلك من سائر المقدّمات ، فتصير النتيجة أنّ الشارع جعل لنا طريقا إلى تلك الواقعيّات ، ثمّ إذا تردّد عندنا هذا الطريق بين الشهرة والإجماع المنقول والخبر والأولويّة والاستحسان ، فعند ذلك يحصل لنا علم إجمالي آخر بوجود أحكام طريقيّة ثانوية مردّدة بين هذه الامور الخمسة ، والاحتياط غير ممكن إلى آخر المقدّمات ، فتكون النتيجة أنّ الشارع جعل طريقا لما هو المجعول طريقا للواقع من هذه الامور ، فإذا نظرنا وجدنا أنّ الشهرة لم يجعل طريق على حجّيتها ، وكذا الإجماع المنقول والاولويّة والاستحسان ، وانحصر ذو الطريق في الخبر تعيّن هو للطريقيّة.
ولو كان أربعة منها مثلا ذا طريق أعمل المقدّمات في طرق هذه الأربعة ، فإن كان ذو الطريق بينها منحصرا في واحد اتّضح الحال ، وإلّا اجريت في هذه الطرق