هذا محصّل كلامه قدسسره المأخوذ من التعليقة والكفاية ، وأنت خبير بأنّ ما ذكره في القسم الأخير من منع إجراء المقدّمات في الطريق لعدم لزوم المحال من بقاء النتيجة مهملة غير تامّ ، فإنّه لا يعقل فرق بين المسائل الفرعيّة وهذه المسألة الاصولية أعني تعيين ما هو المرجع والمتّبع في حال الانسداد ، غاية ما في الباب أنّ الاولى حكم شرعي أوّلى ، والثاني حكم شرعي ثانوي ، ومجرّد عدم أخذ الوصول في الموضوع مشترك في المسألتين ، كما أنّ حيثيّة الأوّلية والثانويّة غير فارقة قطعا ، وعدم لزوم المحال من الإهمال أيضا مشترك ، وما كان وجها لاستكشاف العقل لحجيّة الطريق في الفروع موجود في الاصول.
وليت شعري كيف أفادنا المقدّمات عند ما أجرينا ها في الفروع والأحكام الأوّليّة استكشاف جعل الطريق من الشارع ، ولم يفدنا ذلك عند ما أجريناها في الاصول والأحكام الثانوية؟
فإن قلت : بعد فرض كون النتيجة الطريق الأعمّ من الواصل وغيره ، ففي المرتبة الثانية أيضا تكون النتيجة هكذا.
قلت : نعم ، ولكن الفائدة حينئذ أنّ دائرة الاحتياط في طرق الواقع أضيق من دائرته في نفس الواقع ، وفي طرق الطرق أضيق منها في نفس الطرق ، وهكذا في كلّ مرتبة نازلة أضيق منها في المرتبة العالية ، فإمّا أن ينتهي الأمر إلى الظنّ الواحد أو المتعدّد الذي يكون فيه المتيقّن الوافي ، أو لا يلزم من الاحتياط فيه محذور عقلى أو شرعي.
ومحصّل الجواب عن الإشكال الأوّل أنّا مع إمكان أن يكون الشارع في غير هذا الحال جعل غير الظنّ حجّة نقول بأنّ المجعول في هذا الحال خصوص الظن ، ووجهه أنّه لمّا لم يعلم الشارع بغيره علم أنّ ما جعله هو الظنّ ، فإنّه لو جعل شيئا آخر لزم الإعلام به لئلّا ينقض غرضه من رفع التحيّر عن المكلّفين ، فحيث لم يعلم بشىء آخر يقطع العقل بأنّ ما جعله حجّة هو خصوص الظنّ ، فإنّه الطريق الواصل إلى