«في تقسيم الواضع»
ثم إنّ الملحوظ حال الوضع قد يكون معنى عامّا ، وقد يكون معنى خاصّا وعلى كل تقدير قد يكون الموضوع له نفس ذلك المعنى العامّ أو الخاصّ ، وقد يكون أمرا آخر صار ذلك المعنى آلة وواسطة للحاظه ، فالأوّل يسمّى بالوضع العامّ والموضوع له العام ، والثانى بالوضع الخاصّ والموضوع له الخاصّ ، والثالث بالوضع العام والموضوع له الخاصّ ، والرابع بالوضع الخاصّ والموضوع له العامّ.
لا إشكال في الأوّلين ، وأمّا الثالث فقد ... المحقّق الخراساني قدسسره كون العامّ وجها ومرآتا للأفراد ، بحيث يلاحظ المتكلّم الجزئيّات بنفس ملاحظة العامّ لا أن يكون هنا لحاظ آخر متعلّق بالجزئيّات متعقّب للحاظ العامّ ، وقد منع منه شيخنا الاستاد دام علاه في مجلس بحثه الشريف مستدلا بأنّ العامّ مغاير للأفراد في عالم الذهن والتحليل وإن كانا متّحدين في عالم الخارج.
ولا يخفى أنّ الوضع أيضا بإزاء الموجود في الذهن ، وصورة الزيد عند التعرية عن كلا الوجودين وعن العدم مغاير مع صورة الإنسان كذلك ، وحينئذ كيف يمكن لحاظ أحد المتباينين بلحاظ المباين الآخر ، وهل هذا إلّا الخلف في بينونتهما؟
فالحقّ أن يقال : إنّ للجزئيّات ملاحظتين : الاولى ملاحظة صورة الزيد بتفصيليّتها ، والاخرى ملاحظتها ، لكن ببركة مفهوم الإنسان ، بمعنى أنّا نجعل الإنسان معيارا وضابطا ، بأن نلاحظه بما هو هذا المفهوم ثمّ نشير إلى كلّ ما هو فرد ومصداق مندرج تحت هذا المفهوم ، فحينئذ قد لاحظنا الزيد والعمرو والبكر إلى آخر الأفراد ، لكن بوجه إجماليّ ليس هو مفهوم الإنسان ، بل هو كلّ ما هو مندرج تحت هذا المفهوم.