نحوه ، فإنّ عنوان الذات والشيء إنّما ينتزع من الشيء بعد تماميّة وجوده بتماميّة مقدّمات الوجود من الجنس والفصل والخصوصيّة ، فهو متأخّر رتبة عن الذاتيّات فكيف يكون منها وفي عرضها ، ومن الواضح عدم اختصاصه بأفراد حقيقة واحدة ، فيكون عرضا عامّا ، غاية الأمر أنّه من العوارض اللازمة للمعروض ، ولو كان المأخوذ هو مصداق هذا المفهوم لزم انقلاب مادّة الإمكان ضرورة ، ضرورة أنّ مصداق الذات في قولنا : زيد قائم هو زيد ، وفي قولنا : الإنسان كاتب هو الإنسان ، وثبوت الشيء لنفسه ضروري.
وذكر في الفصول ما حاصله : أنّه يمكن أن نختار الشقّ الأوّل وندفع الإشكال بأنّ الناطق مثلا وإن كان معناه بحسب العرف واللغة مشتملا على مفهوم الذات ، لكنّ المنطقيين حيث جعلوه فصلا للإنسان جرّدوه عنه واستعلموه في جزء معناه مجازا ، ويمكن أن نختار الشق الثاني وندفع الإشكال بأنّ ذات المقيّد مع قطع النظر عن القيد وإن كان ضروريّا، لكن القيد ممكن ، والمقيّد بما هو مقيّد يصير ممكنا بإمكان قيده ، ولهذا يكون النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمات.
وأورد في الكفاية على دفعه على التقدير الأوّل بأنّ الظاهر أنّ المنطقيّين جعلوا لفظ الناطق مثلا فصلا بمعناه الثابت عند العرف واللغة من دون تصرّف فيه ، ثمّ اختار في دفع الإشكال ما حاصله أنّ الناطق مثلا ليس فصلا حقيقيّا ؛ فإنّ الفصول الحقيقيّة للأشياء لا يعلمها إلّا الله ؛ إذ النطق بمعنى إدراك الكليّات مثلا لو كان المراد منه ما يحصل للعوام أيضا فهو حاصل لبعض الحيوانات قطعا ، وإن كان المراد منه ما لا يحصل إلّا لبعض الخواص لزم خروج غيرهم عن تحت الإنسانيّة ، فمقصود المنطقيّين ليس التعبير بهذه الألفاظ عن الفصول الحقيقيّة التي لا سبيل إلى معرفتها ، بل عمّا يمتاز به الشيء عمّا عداه من أظهر خواصّه ولوازمه ، ومن هنا ظهر أنّ التعريف بالحدّ التام غير ممكن لنا ، وإنّما الممكن هو الثلاثة الباقية. والحاصل أنّه يلزم من أخذ مفهوم الذات في معنى المشتق دخل العرض العام في الخاصّة لا دخله في الفصل.