ثمّ إنّ في الفصول ـ بعد دفع الإشكال على التقدير الثاني بما ذكر ـ ما لفظه : وفيه نظر ؛ لأنّ الذات المأخوذة مقيّدة بالوصف قوّة أو فعلا إن كانت مقيّدة به واقعا صدق الإيجاب بالضرورة وإلّا صدق السلب بالضرورة ، مثلا لا يصدق زيد كاتب بالضرورة ، لكن يصدق زيد الكاتب بالفعل أو بالقوّة بالضرورة ، انتهى.
لم أفهم معنى هذه العبارة وليس معناه أنّ الزيد مثلا إن كان متلبّسا بالكتابة واقعا فهو كاتب بالضرورة ، وإلّا فليس بكاتب بالضرورة ؛ إذ هذا المعنى لا يخفى فساده على أدنى الطلبة فكيف على الفاضل المذكور ؛ لأنّ من الواضح أنّ اعتبار الجهة في القضيّة إنّما هو مع قطع النظر عن الثبوت وعدم الثبوت الواقعيين وإلّا لزم انحصار الجهة في الضرورة ؛ إذ كلّ محمول لا محالة إمّا ثابت لموضوعه واقعا وإمّا لا.
وغاية ما يمكن أن يوجّه به كلام السيّد الشريف في الشقّ الثاني هو أن يقال : إنّه لا شكّ أنّ إجراء الوصف على الذات مشتمل على الحمل الضمني ومفيد لفائدة القضيّة الخبريّة من الحكاية عن الواقع ؛ ضرورة أنّ قولنا : زيد الذي أبوه عالم شاعر هرم جاءني يدلّ بالالتزام على مفاد أنّ لزيد أبا وأنّ أباه عالم وشاعر وهرم ، مع أنّ المتكلّم قد فرض الذات المحفوفة بهذه الاوصاف مفروغا عنها ، بل زيد في قولنا : زيد قائم ، أيضا دالّ على مفاد زيد موجود وإن كان المتكلّم قد لاحظ الزيد المحفوف بالوجود شيئا واحدا مفروغا عنه ، بل الحال في زيد معدوم أيضا كذلك إلّا أنّه دالّ على وجود زيد في نفس الأمر.
وبالجملة ، فحيث إنّ وجود الموضوع في أحد العوالم الثلاثة يكون مفروغا عنه لا محالة ، فيدلّ لفظه على كونه موجودا في هذا العالم بالالتزام ، وهذا هو المراد بقولهم : إنّ الأوصاف قبل العلم بها أخبار ، كما أنّ الأخبار بعد العلم بها أوصاف.
فالمعنى أنّ الأوصاف والقيود المذكورة قبل مجيء الحكم والتصديق بالنسبة الخبريّة بمنزلة الأخبار ومفيدة لفائدتها ، سواء كانت في طرف الموضوع أو المحمول كما في قولنا : زيد هو العالم الذي ابوه عالم هرم ، وإن كان العلم المتعلّق بها بسيطا وهو غير العلم المعتبر في تحقّق القضيّة أعني : الحكم باتحاد الذات والوصف بعد فرض