مرادهم دخل الذات والوصف والاتّصاف في معنى المشتق على وجه التركيب وكون كلّ في عرض الآخر ـ بأنّه لا معنى لما ذكره في الوجه الأوّل ؛ فإنّ التقيّد إذا كان داخلا فحمل المقيّد على المطلق ليس بضروريّ كما هو واضح. الثاني : نقل في الفصول ذهاب جماعة من أهل المعقول إلى أنّ الفرق بين المشتق ومبدئه هو الفرق بين الشيء لا بشرط وبينه بشرط لا، وظاهر هذا أنّ أصل المعنى واحد في كليهما ، لكنّه قد اعتبر بشرط لا في أحدهما فامتنع حمله على الذات ، وفي الآخر لا بشرط فصحّ حمله عليها ، فجعلوا الفرق بين العرض والعرضي كالفرق بين الجنس والمادّة وبين الفصل والصورة ؛ فإنّ أصل المعنى في الأوّلين هو الجزء المشترك ، وفي الأخيرين هو الجزء المختصّ الذي به يمتاز الشيء عمّا عداه ، فإذا اعتبرا لا بشرط سمّي الأوّل بالجنس والثاني بالفصل ، وصحّ حمل كلّ منهما على الآخر وعلى الكلّ ، وحمل الكلّ على كلّ منهما ، وإذا اعتبرا بشرط لا سمّي الأوّل بالمادّة والثاني بالصورة وامتنع حمل كلّ على الآخر وعلى الكلّ ، وحمل الكلّ على كلّ منها ، ولهذا يمتنع «زيد بدن» أو نفس ، ولكن يصحّ «زيد حيوان» أو ناطق ، وكذا الكلام في الجزء المركب الخارجي ؛ فإنّه باعتباره اللابشرطي أي بلحاظه في ضمن الكلّ على ما هو عليه في الخارج عين الكلّ ، وباعتباره البشرطلائي أي بلحاظه مستقلا غيره ومقدّمته.
لكن أورد في الفصول على هذا الكلام بما حاصله أنّه لو لم يكن بين المشتقّ ومبدئه فرق في سوى الاعتبار المذكور وكان أصل المعنى في كليهما هو المعنى الحدثي كما هو صريح كلامهم ، فلا شكّ أنّ المعنى الحدثي عرض قائم بالذات فهو غير الذات وإن لحقه ألف اعتبار لا بشرطي ؛ إذ معنى اللابشرطيّة عدم المنافاة للغير لا الاتّحاد معه ، وقضيّة الغيريّة أن لا يصحّ الحكم باتحادهما إلّا بوجه من العناية ، فلازم كلامهم على هذا أن يكون حمل الضارب على الذات محتاجا إلى العناية ، والوجدان يقطع بخلافه.
فيستكشف من ذلك أنّ المغايرة بين المشتقّ ومبدئه في أصل المفهوم وأنّ مفهوم المشتقّ مفهوم يصحّ حمله على الذات بلا عناية ، كما أنّ مفهوم المصدر مفهوم لا يصحّ حمله وإن لحقه ألف اعتبار لا بشرطي إلّا بعناية ، وأمّا أنّ هذا المفهوم في طرف