لمعنى حرفيّ ، وبالجملة فحال المستعمل فيه في لفظ الضارب حال آلة اللحاظ التي أخذها الواضع عند وضع «من». هذا تحقيق المراد من كلام أهل المعقول في المقام ونظائره.
ولكنّه بعد مخدوش بأنّ ما ذكروه من كون الغرض متّحدا مع المحلّ ومندكّا فيه ومحدودا بحدّه لا بحدّ على حدّة وإن كان مطلبا دقيقا صحيحا ، لكنّه أيضا لا يصحّح حمل المعنى الحدثي المأخوذ لا بشرط على الذات كما ذكره صاحب الفصول قدسسره ، فيبقى إشكال القطع بصحّة حمل مفاد المشتقّ عليها بحاله.
توضيحه أنّ ما هو مفاد للحمل ومعتبر فيه هو الاتّحاد بمعنى عدم الميز بين الطرفين بجهة من الجهات أصلا بحيث كانت الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر وعرض كلّ منها عرضا للآخر ، وما هو متحقّق بين العرض والمحلّ ليس إلّا نحو الاتّحاد المتحقّق بين الجزء والكلّ من مجرّد عدم كون الجزء محدودا بحدّ مستقلّ ، بل مندكّا في الكلّ ومحدودا بحدّه ، وهذا لا يستلزم عدم الميز الأصلي المعتبر في الحمل ، كيف وماء الحوض مع وجود هذا الاتّحاد بين قطراته يتفرّد كلّ منهما بالإشارة والمكان ، بل باللّون في بعض الأحيان ، وكذا المعنى الحدثي بل كلّ عرض يمكن اتّصافه بما لا يتّصف المحلّ به من الشدّة والضعف ونحوهما وبالعكس ، مع أنّ من المقطوع بالوجدان أنّ مفاد المشتقّ معنى متّحد مع الذات بحيث لا ميز بينهما أصلا ولا يتّصف أحدهما بوصف إلّا اتّصف الآخر به.
وبعبارة أخرى أنّ مفاد لفظ الضارب مثلا هو عنوان الذات المتّصف بالضرب لا عنوان الضرب المندكّ في الذات ؛ فإنّ الثاني لا يصحّ حمله على الذات ، فلا يقال : زيد هو الضرب المندكّ فيه ، بل الصحيح أن يقال : إنّه محلّ هذا الضرب بخلاف الأوّل.
وتظهر الثمرة فيما لو قال : جئني بالعلم ولا تجئني بالضارب ، فجاء بالعالم الضارب وقلنا بامتناع اجتماع الأمر والنهي ، فعلى الثاني لا يكون هذا المورد من موارد الاجتماع ؛ إذ متعلّق الأمر هو العلم ومتعلّق النهي هو الضرب ، ولا يسري عرض شيء منهما إلى الآخر وإلى الذات ، فيحصل الإطاعة والمعصية معا ، وعلى الأوّل منها كما هو واضح فلم يحصل إلّا واحد من الإطاعة والمعصية.