وعلى هذا فمثل ذلك متأتّ في جانب الجزئي والخاصّ أيضا ، فإنّه يقال : إنّ العامّ تارة تلاحظ تفصيلا واخرى تلاحظ بوجه إجمالي ، مثل أن نرى شخصا ولم نفهم ما نوعه المندرج هو تحته ، بحيث لو رأينا فردا آخر نحكم بأنّه جزئي لذلك النوع أيضا ، ولكن نعلم إجمالا أنّ له نوعا ، فنضع اللفظ بإزاء ذلك النوع ، فصار آلة المعرفة هو الخاص ، والموضوع له هو العامّ.
وكذلك لو رأينا شبحا من البعيد ولم نعلم أنّه إنسان أو بقر أو جاموس أو غير ذلك ، فحينئذ عند تجريده عن الخصوصيّات الفرديّة ، يحصل عندنا صورة إجماليّة هو ما يكون نوعا لهذا ، فالتجريد في مثل الزيد والعمر واشباههما من الأفراد المعلومة النوع يوجب ملاحظة النوع تفصيلا ، وفي مثل الشبح والجزئي الغير المعلوم نوعه يوجب ملاحظته إجمالا ، وليس آلة المعرفة لذلك النوع إلّا الجزئي ، كما كان آلة المعرفة للجزئي في الفرض السابق هو الكلّ ، أعنى ما هو فرد لهذا.
ثمّ على فرض القول بأنّ العامّ في الفرض السابق وجه ومرآة للأفراد نقول بإمكان مثله في هذا الفرض أيضا ؛ فإنّ جهة وجهيّة العامّ للأفراد ليس إلّا الاتّحاد الخارجي ، وهو مشترك في ما بين الطرفين ، فكما يمكن جعل ذلك المتّحد مرآتا لهذا المتّحد ، بملاك الاتّحاد ، كذلك يمكن العكس أيضا بعين تلك الجهة ، وعدم إمكان انفكاك المقسم عن القسم والطبيعي عن أفراده ، وعلى هذا فالحقّ إمكان كلا القسمين الأخيرين ، كما قوّاه الميرزا الرشتي طاب ثراه ، وإن أنكره عليه المحقّق الخراساني طاب ثراه في الكفاية.
ثم نقول : إنّ المعنى الحرفي ما يكون نحو تعقّله في الذهن نحو تحقّق العرض في الخارج ، فالعرض لو تلبّس بالوجود الخارجي فلا محالة يكون وبال الغير وكلّا عليه ومتّكيا عليه وطفيلا له ، ويكون هذا الغير متخصّصا به ، فالقيام في الخارج صار كلّا على