الإرادة مترادفان موضوعان لمفهوم واحد ، والمصداق الحقيقي لأحدهما أعني ما يصحّ تطبيقه عليه بالحمل الشائع الصناعي هو المصداق الحقيقي للآخر ، والمصداق الاعتباري الغير الواقعي له وهو ما لا يصح تطبيقه عليه بهذا الحمل هو المصداق الاعتباري الغير الواقعي للآخر ، فالمراد اتّحاد اللفظين في هذه المراتب الثلاث لا اتّحاد المرتبة الثانية مع الثالثة ، كيف والمغايرة بينهما من البديهيّات ، كما أنّ من البديهيّ أيضا عدم صفة اخرى قائمة بالنفس غير الإرادة يكون هو الطلب سواء في الفاعل أم الآمر.
وبذلك يظهر أنّه يمكن المصالحة بين القولين بأن يكون مراد القائل بالاتّحاد هو ما ذكرنا ، والقائل بالمغايرة يريد أنّ المنساق من لفظ اطلب عند الإطلاق هو الإنشائي ، والمنساق من لفظ الإرادة عنده هو الحقيقي ، فهما متغايران إطلاقا لا وضعا.
فإن قلت : إذا لم يكن غير الصفات المعروفة في الإنشاءات وغير العلم في الجملة الخبريّة صفة اخرى قائمة بالنفس ، ومن المعلوم أنّ هذه الصفات لا يكون مدلولاتها فما ذا يكون مدلولها؟
قلت : أمّا مفاد الجملة الخبريّة فهو الحكاية عن ثبوت النسبة في موطنها من ذهن كما في زيد عالم ، أو خارج كما في زيد قائم ، وأمّا الإنشاءات فهي موجدة لمعانيها بمعنى أنّ معانيها يحدث بقصد تحقّقها بها ، وهذا المعنى الإنشائي ممكن الانفكاك عن تلك الصفات الحقيقيّة وإن كان غالبا لا ينفكّ عنها.
ويمكن الخدشة فيه أوّلا : بأنّه لا وجه لجعل الطلب الإنشائي فردا غير واقعي لجامع الطلب النفسي ؛ فإنّه كما أنّ للطلب النفسي جامعا ، كذلك للطلب الإنشائي وإن كان أمرا اعتباريّا أيضا جامع ؛ إذ الجامع عبارة عن الصورة الحاصلة من الشيء في العقل بعد طرح خصوصيّاته وهي متحقّقة في الامور الاعتباريّة كالفوقيّة والملكيّة ونحوهما ، كما في الامور المتأصّلة بلا فرق ، فالامور الاعتباريّة مصاديق حقيقيّة وأفراد واقعيّة لجامعها ، وعلى هذا فلا بدّ من الالتزام باشتراك لفظي الطلب