والإرادة لفظا أو كونهما حقيقة ومجازا بالنسبة إلى هذين المفهومين.
وثانيا : بعدم تعقّل معنى لكون الصيغ الإنشائيّة بعناوينها الأوّليّة موجدة لمعانيها بالعليّة الجعليّة ، وقد مرّ تفصيل ذلك عند الخدشة فيما ذكره قدسسره في الفرق بين الخبر والإنشاء بكلا طرفيه.
ولا بأس بالإشارة الإجماليّة هنا إليه ، فنقول : أمّا الخدشة فيما ذكره قدسسره في طرف الخبر فهي أنّ مجرّد الحكاية عن ثبوت المعنى في موطنه من نفس أو خارج غير كاف في خبريّة الخبر ؛ ضرورة تحقّق هذه الحكاية في مثل قولنا : زيد القائم الموجود في الخارج ، مع عدم كونه خبرا ، بل لا بدّ من زيادة وصف التمام في التعريف قيدا للنسبة بأن يقال : إنّ الهيئة القائمة في العربيّة مقام «است» في الفارسيّة موضوعة للنسبة التامّة ، وهذا الوصف أمر نفساني لا خارجي أعني : التجزّم وعقد القلب بالنسبة ، وهو وإن كان مغايرا للاعتقاد لكنّه من سنخه، فيحكي عن ثبوت النسبة في الخارج ؛ ولهذا يتّصف الخبر بالصدق والكذب ، وهذا هو الفارق بينه وبين ما ذكر من قولنا : زيد القائم الخ ؛ ضرورة عدم تحقّق العقد القلبي المذكور في الثاني ؛ ولهذا يصح أن يجعل محموله قولنا : ليس بموجود.
وأمّا الكلام في الإنشاء فهو أنّه مشارك للخبر في الحكاية عن الصفة القائمة بالنفس فعلا ، لكنّه يفارقه في أنّ هذه الصفة المحكيّة غير حاك هنا عن وقوع نسبة القضيّة في الخارج، ولهذا لا يتّصف الإنشاء بالصدق والكذب ، فهيئة «اضرب» مثلا حاكية عن وجود الطلب في النفس ، وإن كان جعلنا ، وهذا الطلب غير حاك عن وقوع نسبة الضرب إلى المخاطب فى الخارج بل مقتض له ، نعم هو حاك عن أمر آخر كوجود المصلحة في الضرب ووجود المريد ، وأمّا حديث العليّة فلم نتعقّل لها معنى ؛ لعدم قابليّتها للجعل.
فإن قلت : كيف والمولى إذا قال لعبده : إن فعلت كذا أعطيتك كذا فقد جعل الشرط علّة للجزاء بعد ما لم يكن بينهما عليّة أصلا.
قلت : لا يكون حصول الفعل الذي هو الشرط علّة لحصول الإعطاء في الخارج ،