هي مستلزمة في نظره للوقوع الخارجي قد أظهر الوقوع الخارجي الذي هو لازمها كذلك ، وهذا إظهار للإرادة الملزومة بنحو آكد وأبلغ ، بل لا يبعد دعوى ذلك في صيغ العقود والإيقاعات الكائنة بصيغة الماضي أيضا كبعت وأنكحت ونحوهما بأن يقال : إنّ المنشئ في مقام إظهار الرضى القلبي الفعلي بمفاد إحدى المعاملات كالملكيّة والزوجيّة ونحوهما يظهر وقوع تلك المعاملة في السابق المستلزم واقعا لحصول الرضى القلبي بمفادها في الحال للدلالة على الرضى في الحال الذي هو اللازم بنحو آكد وأبلغ ، فقوله : بعت مساوق لقوله : بعت منذ أعوام في الدلالة على حصول الرضى القلبي في الحال بطريق أولى.
ثمّ إنّه لو لم يكن المدلول المطابقي لهذه الحمل متحقّقا في الخارج فلا يلزم الكذب المحرّم ، إمّا لعدم تحقّق موضوع الكذب لغة بناء على أنّ الصدق والكذب إنّما يلحظان بالنسبة إلى داعي الاعلام المفروض عدم تحقّقه في المقام ، وإمّا لأنّ هذا الكذب غير محرّم في الشريعة بناء على ملاحظتها بالنسبة إلى نفس مدلول الجملة الخبريّة ولو لم يكن بالداعي المذكور ، والدليل على جوازه وقوعه ووقوع أمثاله من التأكيد والكناية ونحوهما في كلام المعصومين والعدول.
«فصل»
لا شكّ أنّ الواجب في هذه الشريعة قسمان : توصّلي وتعبّدي ، فالأوّل ما يكون مجرّد الإتيان به مجزيا ولو لم يكن بقصد القربة ، والثاني ما لا يجزى إلّا الإتيان به بقصد القربة ، وحينئذ فهل يمكن عند الشكّ استفادة عدم اعتبار القربة وكون الواجب توصّليّا من إطلاق الصيغة أولا؟ فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل العملى.
تحقيق ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدّمة وهي : أنّه لو كان المراد بالقربة داعي الأمر قيل يلزم من أخذها في متعلّق الأمر الدور ؛ إذ لا شكّ أنّ الإتيان بداعي الأمر متوقّف على وجود الأمر ؛ ضرورة أنّ وجود المقيّد بما هو مقيّد متوقّف على وجود قيده ، ووجود الأمر أيضا متوقّف على وجود الإتيان بداعي الأمر ؛ لكونه