ومشايخه يناهزون المائة وأما الرواة عنه فلا يتجاوز من تعرفنا عليه العشرة سواء المذكورين في هذا الكتاب أو غيره.
ولو أن هذه الكتب الآنفة الذكر لم تذكر فرات في ثنايا الاسانيد لامكن التشكيك في وجود شخص بهذا الاسم والقول بأن هذا الاسم مستعار.
ونسبته ( الكوفي ) كان من القاطنين بها كما يظهر من طبقة شيوخه والرواة عنه أما أنه من أي قبيلة وعشيرة ومن أي بيت هو ومن هم أقرباؤه وأصدقاؤه وهل هو من العرب أو من غيرهم وما هي اتجاهاته المذهبية والفكرية فهذه أسئلة لا جواب عليها سوى الاخير.
لكن إذا ما ألقينا نظرة سريعة على هذا الكتاب واحتوائه على ٧٧٧ حديثا وعلى ذكر مشايخ للمصنف ربما جاوز الماءة وتصفحنا اثاره ورواياته في كتب الصدوق وابن الشجري و .... لحصلنا على ترجمة واضحة للمؤلف ربما تغنينا عن كثير من أقوال الاشخاص وأخبار الآحاد. فإذا لا حظنا تلك الظروف ونظرنا إلى الشخصيات والاجواء والكتب العلمية المعاصرة للمؤلف وسبرنا الكتب التي ألفت حول هذا الموضوع ( التفسير الروائي ) لتجلت لنا شخصية المصنف ومكانته العلمية وآتجاهاته الفكرية والعقائدية.
فالمصنف كان رجلا فاضلا متمتعا بأرضية فكرية واجتماعية خصبة مكنته من تأليف هذا الكتاب الشريف فهو أستاذ المحدثين في زمانه كما جاء في تعبير تلميذه أبي القاسم العلوي في اول الكتاب.
وربما كان من الناحية الفكرية والعقائدية زيديا أو كان متعاطفا معهم ومخالطا إياهم ومتمايلا إليهم على الاقل كما يبدو واضحا لمن يلاحظ في الكتاب مشايخه وأسانيده وأحاديثه فهو أشبه ما يكون بكتب الزيدية وليس فيه نص على الائمة الاثنى عشرو إن كان مكثرا في الرواية عن الصادقين بنصوص تؤكد على إمامتهما وعصمتهما لكن في المقابل يروي عن زيد أحاديث تنفي العصمة عن غير الخمسة من أهل البيت وربما كان السبب في عدم ذكره في الكتب الرجالية هو أنه لم يكن إماميا حتى تهتم الامامية به ولم يكن سنيا حتى تهتم السنة به بل هو من الوسط الزيدي في الكوفة ، والزيدية قد انمحت الكثير من آثارهم وتضاءل دورهم في المجتمع الاسلامي حتى انحصر في بقعة معينة ونائية من الارض هي بلاد اليمن والامامية وإن كانت انمحت الكثير من آثارها بسبب الظلم وغيره إلا أنها استمرت في مواصلة مسيرتها بكل نجاح وتمكنت من ترسيخ دعائمها وتوطيد أركانها ونشر أفكارها وكسب المزيد من التقدم والتطور الكمي والكيفي فحفظت بذلك أغلب تراثها.