الامر الثالث : في الشبهة الغير المحصورة وهي الشبهة القليل في الكثير مثل الواحد في ألف ألف ، وأمّا الكثير في الكثير فهي كالقليل في القليل يكون من الشبهة المحصورة ، مثلا حال الخمسمائة في ألف وخمسمائة مثل حال الواحد في الثلاثة.
ثمّ إنّ المشهور عدم وجوب الاجتناب في الشبهة الغير المحصورة ، ولكن ليعلم أنّ غالب أفراد هذه الشبهة مصحوبة بأمر بسببه يتوهّم أنّ لازم هذه الشبهة عدم الوجوب وفي الحقيقة يكون عدم الوجوب مستندا إلى ذلك الأمر ، وذلك مثل خروج بعض أطراف الشبهة عن محلّ الابتلاء كما هو الحاصل غالبا ، بمعنى كون بعضها بحيث كان التكليف بتركه هجنا وهزوا ومثل الاضطرار إلى بعضها ، ومثل كون ترك جميع الأطراف حرجيّا.
ولا يخفي عدم انفكاك الشبهة الغير المحصورة عن واحد من هذه الثلاث في الغالب ، وكلّ واحد منها موجب لعدم الوجوب ، ولو فرض الشبهة محصورة فيغلب على الظنّ أنّ حكمهم بعدم الوجوب نشأ من ذلك ، فنحن لو أردنا أن نفهم أنّ جهة كون الشبهة شبهة غير محصورة هل لها مع قطع النظر عمّا عداها مدخل في عدم الوجوب أو لا؟ لا بدّ أن نفرض جميع أطرافها محلّا للابتلاء وعدم كون شيء منها مضطرّا إليه وعدم كون ترك الكلّ حرجيّا ، ثمّ نلاحظ هل له اقتضاء لعدم الوجوب من جهة كونه شبهة غير محصورة أو لا.
فنقول : لا إشكال ولا شبهة في وجود جميع ما أسلفنا ذكره في الشبهة المحصورة وجها لوجوب الاجتناب عن جميع الأطراف هنا حرفا بحرف من كون العلم بالتكليف إجمالا حاله عند العقل حال العلم التفصيلي به في لزوم الامتثال وتنجّز التكليف بلا فرق أصلا إلى آخر ما ذكرنا هنا. (١)
__________________
(١) وأمّا التمسّك لعدم الاجتناب بأنّ العلم الإجمالي مع عدم الانحصار كلا علم ، يعني يكون ـ